مسؤوليّة الوالي في أموال الزكاة: «إنّ الوالي يأخذ المال فيوجّهه الوجه الذي وجّهه اللَّه له على ثمانية أسهم للفقراء والمساكين، يقسّمها بينهم بقدر ما يستغنون في سنتهم بلا ضيق ولا تقيّة، فإن فضل من ذلك شيء ردّ إلى الوالي، وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به كان على الوالي أن يموّنهم من عنده بقدر سعتهم حتّى يستغنوا»[1].
وهذا النصّ يحدّد بوضوح: أنّ الهدف النهائي الذي يحاول الإسلام تحقيقه ويلقي مسؤوليّة ذلك على وليّ الأمر هو إغناء كلّ فرد في المجتمع الإسلامي.
وهذا ما نجده في كلام الشيباني، على ما حدّث عنه شمس الدين السرخسي في المبسوط إذ يقول: «على الإمام أن يتّقي اللَّه في صرف الأموال إلى المصارف، فلا يدع فقيراً إلّاأعطاه حقّه من الصدقات حتّى يغنيه وعياله، وإن احتاج بعض المسلمين وليس في بيت المال من الصدقات شيء أعطى الإمام ما يحتاجون إليه من بيت مال الخراج، ولا يكون ذلك ديناً على بيت مال الصدقة؛ لما بيّنّا أنّ الخراج وما في معناه يُصرف إلى حاجة المسلمين»[2].
فتعميم الغنى هو الهدف الذي تضعه النصوص أمام وليّ الأمر. ولكي نعرف المفهوم الإسلامي للغنى يجب أن نحدّد ذلك على ضوء النصوص أيضاً. وإذا رجعنا إليها وجدنا أنّ النصوص جعلت من الغنى الحدّ النهائي لتناول الزكاة، فسمحت بإعطاء الزكاة للفقير حتّى يصبح غنيّاً، ومنعت إعطاءه بعد ذلك، كما جاء في الخبر عن الإمام جعفر عليه السلام: «تعطيه من الزكاة حتّى تغنيه»[3]. فالغنى الذي
[1] راجع الاصول من الكافي 1: 541
[2] المبسوط 4: 18
[3] وسائل الشيعة 9: 258، الباب 24 من أبواب المستحقّين للزكاة، الحديث الأوّل