الخامس: أنّ النصّ الدالّ على عدم تملّك المحيي للرقبة وبقائها على ملكيّة الإمام، هو المرجّح في مقام التعارض؛ وذلك لأنّ النصّ الآخر المعارض له مخالف لعموم الكتاب ومظنّة للتهمة. أمّا العموم الكتابي فهو قوله تعالى: «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ»[1] فإنّ هذه الآية حكمت بأنّ كلّ سبب للتملّك والأكل باطل، إلّاالتجارة عن تراض. ومن الواضح أنّ تملّك مال الإمام بالإحياء ليس تجارة عن تراضٍ فهو باطل بإطلاق الآية الكريمة. فيكون ما دلّ على عدم تملّك المحيي لرقبة الأرض موافقاً لإطلاق الكتاب، فيقدّم. كما أنّ أصالة الجهة فيه قطعيّة، دون ما دلّ على تملّك المحيي، فتدبّر جيّداً.
السادس: أنّ رواية عبد اللَّه بن سنان صريحة في نفي الخراج، وظاهرة في أنّ هذا النفي حكم شرعي وليس نفياً ناشئاً من الإسقاط والتحليل من صاحب الحقّ؛ لأنّ ظهور رجوع السائل إلى الإمام وهو غير مبسوط اليد رجوعه إليه بما هو مُفتٍ لا بما هو وليّ الأمر. والطائفة الاخرى صريحة في عدم النفي الشرعي، وظاهرة في عدم الإسقاط من قبل صاحب الحقّ، والتعارض إنّما هو بين ظهور رواية ابن سنان وأمثالها في النفي الشرعي للخراج وصراحة الطائفة الاخرى في ثبوته الشرعي، ومقتضى الجمع العرفي حينئذٍ بقرينة أظهريّة هذه الطائفة في الثبوت الشرعي للخراج حمل النفي في أمثال رواية ابن سنان على نفي فعليّة الخراج المناسب مع الإسقاط أيضاً.
[1] النساء: 29