وأمّا الوجه الثاني في الجواب فحاصله: أنّ إطلاق رواية أبي بصير معارض بالروايات الدالّة بإطلاقها على ملكيّة المسلمين لتمام الأرض المفتوحة، وهي قسمان:
أحدهما: اخذ فيه عنوان الأرض المأخوذة بالسيف.
والآخر: اخذ فيه عنوان أرض السواد.
أمّا القسم الأوّل فهو على فرض كون النسبة بينه وبين رواية أبي بصير العموم من وجه محكوم له، ولا يمكن أن يعارضه؛ لأنّ الإطلاق فيه بمقدّمات الحكمة، والعموم في رواية أبي بصير وضعي.
وأمّا القسم الثاني فحيث إنّ العنوان فيه أرض السواد، وهو عَلَم لأرض كانت محدودة في الخارج فيكون شموله بالظهور اللفظي، لا بمقدّمات الحكمة، وحينئذٍ يصلح لمعارضة رواية أبي بصير. ومعنى هذا: أنّ رواية أبي بصير إنّما تقع طرفاً للمعارضة في المرتبة الاولى مع القسم الثاني خاصّة، وبعد تساقط الطرفين تصل النوبة إلى القسم الأوّل بلا معارض؛ لأنّ القسم الأوّل باعتبار كونه محكوماً في نفسه لأصالة العموم في رواية أبي بصير يستحيل أن يقع طرفاً للمعارضة معها في المرتبة الاولى لكي يسقط مع سقوطها.
وقد يناقش في دلالة خبر أبي بصير بطريقة اخرى كما في تعليقة المحقّق الإصفهاني[1]، وهي المنع عن عمومها للأرض بقرينة ما جاء عقيب فقرة الاستدلال المتقدّمة، وهو قوله: «ولا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقّنا»، فإنّ هذا قرينة على أنّ المقصود بالغنيمة الأموال المنقولة؛ لأ نّها هي التي يمكن أن تباع، وأمّا الأرض المفتوحة عنوة فلا تباع ولا تشترى.
[1] حاشية المكاسب 3: 47