يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ»[1] كما سنشرح ذلك في دراستنا لنظريّة التوازن الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي. وهذا المنع عن التركّز وإن كان يرتبط بصورة مباشرة بالتوزيع ولكنّه يرتبط أيضاً بشكل غير مباشر بالإنتاج، ويؤدّي إلى الإضرار به؛ لأنّ الثروة حين تتركّز في أيد قليلة يعمّ البؤس وتشتدّ الحاجة لدى الكثرة الكاثرة. ونتيجة لذلك سوف يعجز الجمهور عن استهلاك ما يشبع حاجاتهم من السلع لانخفاض قوّتهم الشرائيّة، فتتكدّس المنتجات دون تصريف، ويسيطر الكساد على الصناعة والتجارة ويتوقّف الإنتاج.
11- التقليص من مناورات التجارة، واعتبارها من حيث المبدأ شعبة من الإنتاج، كما سيأتي في مرحلة اخرى من مراحل الكشف عن نظريّة الإنتاج وسوف نرى عندئذٍ مدى تأثير ذلك على الإنتاج وتنميته.
12- منح الإسلام ملكيّة المال بعد موت المالك إلى أقربائه. وهذا هو الجانب الإيجابي من أحكام الإرث الذي يمكن اعتباره في القطّاع الخاصّ عاملًا دافعاً للإنسان نحو العمل وممارسته ألوان النشاط الاقتصادي، بل عاملًا أساسيّاً في الأشواط الأخيرة من حياة الإنسان التي تتضاءل فيها فكرة المستقبل عنده، وتحتلّ موضعها فكرة الأبناء والقربى، فيجد في أحكام الإرث التي توزّع أمواله بعده بين أقربائه الأدنين ما يغريه بالعمل ويدفعه إلى تنمية الثروة حرصاً على مصالح أهله بوصفهم امتداداً لوجوده.
وأمّا الجانب السلبي من أحكام الإرث الذي يقطع صلة المالك بماله بعد موته، ولا يسمح له أن يقرّر مصير ثروته بنفسه، فهو نتيجة لنظريّة توزيع ما قبل الإنتاج ومرتبط بها، كما عرفنا سابقاً.
[1] سورة الحشر: 7