أجراً ثابتاً منفصلًا عن نتائج العمليّة التجاريّة.
وجاءت الرأسماليّة أخيراً على يد بعض رجالاتها بأقوى مبرّراتها للفائدة، إذ فسّرتها بوصفها تعبيراً عن الفارق بين قيمة السلع الحاضرة وقيمة سلع المستقبل، اعتقاداً منها بأنّ للزمن دوراً إيجابيّاً في تكوين القيمة، فالقيمة التبادليّة لدينار اليوم أكبر من القيمة التبادليّة لدينار المستقبل، فإذا أقرضت غيرك ديناراً إلى سنة كان من حقّك في نهاية السنة أن تحصل على أكثر من دينار، لتستردّ بذلك ما يساوي القيمة التبادليّة للدينار الذي أقرضته، وكلّما بَعُد ميعاد الوفاء ازدادت الفائدة التي يستحقّها الرأسمالي تبعاً لازدياد الفرق بين قيمة الحاضر وقيمة المستقبل بامتداد الفاصل الزمني بينها وابتعاده.
والفكرة في هذا التبرير الرأسمالي تقوم على أساس خاطئ، وهو ربط توزيع ما بعد الإنتاج بنظريّة القيمة، فإنّ نظريّة توزيع ما بعد الإنتاج في الإسلام منفصلة عن نظريّة القيمة؛ ولهذا رأينا أنّ كثيراً من العناصر التي تدخل في تكوين القيمة التبادليّة للسلعة المنتجة ليس لها نصيب من تلك السلعة في التوزيع الإسلامي، وإنّما لها اجور تتقاضاها من صاحب السلعة، نظير خدماتها له في عمليّة الإنتاج.
فالتوزيع على الأفراد في الإسلام لا يرتكز على أساس القيمة التبادليّة لكي يمنح كلّ عنصر من عناصر الإنتاج نصيباً من الناتج يتّفق مع دوره في تكوين القيمة التبادليّة، وإنّما يرتبط توزيع الثروة المنتجة في الإسلام بمفاهيمه المذهبيّة وتصوّراته عن العدالة.
فلا يجب من وجهة نظر الإسلام أن يدفع إلى الرأسمالي فائدة على القرض حتّى إذا صحّ أنّ سلع الحاضر أكبر قيمة من سلع المستقبل؛ لأنّ هذا لا يكفي