الرأسمالي تعويضاً له عن حرمانه من الانتفاع بالمال المسلف، ومكافأةً له على انتظاره طيلة المدّة المتّفق عليها، أو اجرة يتقاضاها الرأسمالي نظير انتفاع المدين بالمال الذي اقترضه منه، كالاجرة التي يحصل عليها مالك الدار من المستأجر لقاء انتفاعه بسكناها.
ونحن ندرك في ضوء النظريّة الإسلاميّة- كما حدّدناها- التناقض بين هذه المحاولة وطريقة التفكير الإسلامي في التوزيع؛ لأنّنا عرفنا أنّ الإسلام لا يعترف بالكسب تحت اسم الأجر أو المكافأة إلّاعلى أساس إنفاق عمل مباشر أو مختزن، وليس للرأسمالي عمل مباشر أو مختزن ينفقه ويمتصّه المقترض ليدفع إليه اجرة ذلك ما دام المال المقترض سوف يعود إلى الرأسمالي دون أن يتفتّت أو يستهلك منه شيء، فلا مبرّر إسلاميّاً للاعتراف بالفائدة؛ لأنّ الكسب بدون عمل منفق يتعارض مع تصوّرات الإسلام عن العدالة.
وهناك من يبرّر الفائدة بوصفها تعبيراً عن حقّ الرأسمالي في شيء من الأرباح التي جناها المقترض عن طريق ما قدّم إليه من مال.
وهذا القول لا موضع له في القروض التي ينفقها المدين على حاجاته الشخصيّة، ولا يربح بسببها شيئاً، وإنّما يبرهن على جواز حصول الرأسمالي على شيء من الأرباح حين يدفع المال إلى من يتّجر به ويستثمره. وفي هذه الحالة يقرّ الإسلام حقّ الرأسمالي في ذلك، ولكنّ هذا الحقّ يعني اشتراك صاحب المال والعامل في الأرباح، وربط حقّ الرأسمالي بنتائج العمليّة، وهو معنى المضاربة في الإسلام التي يتحمّل فيها الرأسمالي الخسارة وحدها، ويشارك العامل في الأرباح إذا حصلت بنسبة مئويّة يتّفقان عليها في العقد.
وهذا يختلف بصورة جوهريّة عن الفائدة بمفهومها الرأسمالي التي تضمن له