المالك لو دفع إلى العامل آلة الصيد بحصّة ثُلثٍ مثلًا، فاصطاد العامل لم يكن مضاربة، وكان الصيد للصائد الذي حازه، وليس لصاحب الآلة شيء منه، وإنّما على الصائد الاجرة لقاء انتفاعه بالآلة[1].
ونصّ على الحكم نفسه الفقيه الحنفي السرخسي، إذ كتب يقول: «وإذا دفع إلى رجل شبكة ليصيد بها السمك على أن يكون ما صاد بها من شيء فهو بينهما، فصاد بها سمكاً كثيراً فجميع ذلك للذي صاد … لأنّ الآخذ هو المكتسب دون الآلة فيكون الكسب له وقد استعمل فيه آلة الغير بشرط العوض لصاحب الآلة وهو مجهول فيكون له أجر مثله على الصيّاد»[2].
وبهذا نعرف أنّ مجرّد الاشتراك في عمليّة إنتاج بأداة من الأدوات لا يبرّر اشتراك مالك الأداة في الأرباح، وإنّما يسمح للمالك بمشاركة العامل في الربح إذا قدّم سلعة أو نقوداً وكلّفه بالاتّجار بها عن طريق البيع والشراء على أساس الاشتراك في الأرباح.
وكما لم يسمح بقيام المضاربة والمشاركة في الأرباح على أساس أداة الإنتاج كذلك لم يسمح بقيام عقد المزارعة- وهو العقد الذي مرّ بنا في الفقرة الثالثة- على هذا الأساس أيضاً. فلا يجوز لشخص أن يشارك الإنسان العامل في منتوجه الزراعي لمجرّد تقديم أدوات الإنتاج إليه من محراث وبقر وآلات، وإنّما تتاح هذه المشاركة لمن يسهم بالأرض والبذر معاً، كما عرفنا من نصّ للشيخ الطوسي سبق ذكره.
12- لا يجوز للإنسان أن يستأجر أرضاً أو أداة إنتاج باجرة معيّنة،
[1] شرائع الإسلام 2: 139، مع تصرّف في العبارة
[2] المبسوط 22: 34