من النظريّة:
كشفنا حتّى الآن عن النظريّة العامّة لتوزيع ما بعد الإنتاج في الإسلام بالقدر الذي تطلّبته المقارنة بينها وبين النظريّة الرأسماليّة في الأساس النظري للتوزيع.
ونريد الآن أن نواصل اكتشافنا لمعالم النظريّة الإسلاميّة ومميّزاتها من خلال مقارنتها بالنظريّة الماركسيّة لتوزيع ما بعد الإنتاج وتحديد أوجه الفرق بين النظريّتين.
وسوف نبدأ- كما صنعنا في المرحلة السابقة- بإعطاء الصورة وإبراز أوجه الفرق بين النظريّتين- كما نؤمن بها- قبل أن نتناول البناء العلْوي بالبحث، حتّى إذا اتيح لنا أن نتصوّر بوضوح جوانب الاختلاف والمدلول المذهبي لهذا الاختلاف عدنا إلى فحص البناء العلْوي لنستخرج منه الأدلّة التي تدعم تصوّرنا وتدلّ فقهيّاً على صوابه.
1- ظاهرة ثبات الملكيّة في النظريّة:
ونستطيع أن نلخّص الفرق بين النظريّة الإسلاميّة والنظريّة الماركسيّة في نقطتين جوهريّتين:
وإحدى هاتين النقطتين هي: أنّ النظريّة الإسلاميّة لتوزيع ما بعد الإنتاج إنّما تمنح الإنسان العامل كلّ الثروة التي أنتجها إذا كانت المادّة الأساسيّة التي مارسها العامل في عمليّة الإنتاج ثروة طبيعيّة لا يملكها فرد آخر، كالخشب الذي يقتطعه العامل من أشجار الغابة، أو الأسماك والطيور في البحر والجوّ التي يصطادها الصائد من الطبيعة، أو الموادّ المعدنيّة التي يستخرجها المنتج من مناجمها، أو الأرض الميتة التي يحييها الزارع ويعدّها للإنتاج، أو عين الماء التي