الميراث الذي يحدّد المالكين الجدد وينظّم طريقة توزيع الثروة عليهم فهو ليس نتيجة للنظريّة العامّة في توزيع ما قبل الإنتاج، وإنّما يرتبط بنظريّات اخرى من الاقتصاد الإسلامي كما سنرى في بحوث مقبلة.
والإسلام حين حدّد الملكيّة الخاصّة تحديداً زمنيّاً بحياة المالك ومَنَعه من الوصيّة بماله والتحكّم بمصير ثروته بعد وفاته استثنى من ذلك ثُلث التركة، فسمح للمالك بأن يقرّر بنفسه مصير ثُلث ماله[1]، وهذا لا يتعارض مع الحقيقة التي عرفناها عن التحديد الزمني وارتباطه بالنظريّة العامّة؛ لأنّ النصوص التشريعيّة التي دلّت على السماح للمالك بالثُلث من التركة تشير بوضوح إلى أنّ هذا السماح ذو صفة استثنائيّة يقوم على أساس مصالح معيّنة، فقد جاء في الحديث عن عليّ بن يقطين أ نّه سأل الإمام موسى عليه السلام: ما للرجل من ماله عند موته؟ فأجابه:
الثُلث، والثُلث كثير[2]. وجاء عن الإمام الصادق عليه السلام: أنّ الوصيّة بالربع والخمس أفضل من الوصيّة بالثلث[3]. وورد في الحديث أيضاً: أنّ اللَّه تعالى يقول لابن آدم: قد تطوّلت عليك بثلاثة: سترت عليك ما لو يعلم به أهلك ما واروك، وأوسعت عليك فاستقرضت منك فلم تقدّم خيراً، وجعلت لك نظرة عند موتك في ثُلثك فلم تقدّم خيراً[4].
فالثُلث في ضوء هذه الأحاديث حقّ يرجّح للمالك عدم استخدامه، ويستكثر عليه، ويعتبر منحةً قد تفضّل بها اللَّه على عبده عند موته وليس امتدادا
[1] راجع جواهر الكلام 26: 59
[2] وسائل الشيعة 19: 274، الباب 10 من كتاب الوصايا، الحديث 8
[3] المصدر السابق: 269، الباب 9 من كتاب الوصايا، الحديث 2
[4] المصدر السابق: 263، الباب 4 من كتاب الوصايا، الحديث 4