طبيعيّاً لحقوقه التي كسبها حال الحياة، فكلّ ذلك يشير إلى أنّ السماح بالثُلث للميّت حكم استثنائي، وفي هذا اعتراف ضمني بالحقيقة التي قدّمناها عن التحديد الزمني وارتباطه بالنظريّة العامّة.
وقد استهدفت الشريعة من تشريع هذا الحكم الاستثنائي الحصول على مكاسب جديدة للعدالة الاجتماعيّة؛ لأنّه يتيح للفرد وهو يودّع دنياه كلّها ويستقبل عالماً جديداً أن يستفيد من ثروته لعالمه الجديد، والغالب في لحظات الانتقال الحاسمة من حياة الفرد المسلم أن تنطفئ فيها شعلة الدوافع المادّية والشهوات الموقوتة، الأمر الذي يساعد الإنسان على التفكير في ألوان جديدة من الإنفاق تتّصل بمستقبله وحياته المنتظرة التي يتأهّب للانتقال إليها. وهذه الألوان الجديدة هي التي اطلق عليها في الحديث السابق اسم الخير، وعوتب الفرد الذي لم يستفد من حقّه في الوصيّة على عدم تحقيقه للغرض الذي من أجله منح ذلك الحقّ.
وقد حثّ الإسلام في نفس الوقت الذي سمح فيه بالثلث على استغلال الفرد لفرصته الأخيرة هذه في سبيل حماية مستقبله وآخرته بتخصيص الثلث لمختلف سبل الخير، والمصالح العامّة التي تساهم في تدعيم العدالة الاجتماعيّة[1].
فالتحديد الزمني للملكيّة هو القاعدة إذن، والسماح بالثلث استثناء فرضته أغراض ترتبط بجوانب اخرى من الاقتصاد الإسلامي.
[1] وسائل الشيعة 10: 271، الباب 10 من كتاب الوصايا