الفقهيّة للشيخ الطوسي: أنّ للفرد أن يحيي أرضاً ميتة وعليه طسقها (اجرتها) يؤدّيه للإمام[1].
فما هو المبرّر النظري لهذا الطسق؟ ولماذا اختصّت به الأرض دون غيرها من منابع الثروة، فلم يكلّف الذين يحيون المنابع الاخرى بدفع شيء من غلّتها؟
والحقيقة أنّ هذا الطسق الذي سمح للإمام بفرضه على الأرض الميتة عند إحياء الفرد لها يمكن تكييفه مذهبيّاً وتفسيره من الناحية النظريّة على أساسين:
الأوّل: على أساس النظريّة العامّة في التوزيع نفسها، فنحن إذا لاحظنا أنّ الطسق اجرة يتقاضاها الإمام على الأرض بوصفها من الأنفال، وعرفنا إضافة إلى ذلك أنّ الأنفال يستخدمها الإمام في مصالح الجماعة كما سيأتي في بحث مقبل، وقارنّا بين إلزام صاحب الأرض بالطسق، وإلزام صاحب العين والمنجم بالسماح للآخرين بما زاد على حاجته من العين وما لا يتعارض مع حقّه في المنجم، إذا جمعنا كلّ ذلك تكامل لدينا بناءٌ عُلوي من التشريع يسمح لنا باستنتاج مبدأ جديد في النظريّة يمنح الجماعة حقّاً عامّاً في الاستفادة من مصادر الطبيعة؛ لأنّها موضوعة في خدمة الإنسانيّة بشكل عامّ «خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»[2].
وهذا الحقّ العامّ للجماعة لا يزول باكتساب المصادر الطبيعيّة طابع الحقوق الخاصّة، وإنّما تحدّد الشريعة طريقة استفادة الجماعة من هذا الحقّ بالشكل الذي لا يتعارض مع تلك الحقوق الخاصّة، ففي المناجم والعيون التي يحييها الأفراد يتاح للجميع الاستفادة منها بشكل مباشر؛ لأنّ لكلّ فرد أن يستفيد من عروق المنجم إذا حفر من موضع آخر، كما أنّ له أن يستقي من عين الماء إذا زادت على
[1] راجع المبسوط 2: 29
[2] سورة البقرة: 29