منها، ويعتبرونها وكلّ ما تضمّ من طاقات وثروات ملكاً خالصاً لهم بسبب استيلائهم عليها، وقدرتهم على منع الآخرين من الانتفاع بها. وقد جاء في كتاب الجواهر للمحقّق النجفي: «أنّ هؤلاء كان من عادة أحدهم في الجاهليّة إذا انتجع بلداً مخصباً أن يستعوي كلباً على جبل أو سهل، ثمّ يعلن تملّكه لمجموع المساحة التي امتدّ إليها صوت الكلب من سائر الجهات، وحمايته لها من الآخرين، ولذلك يطلق عليها اسم (الحمى)»[1].
وقال الشافعي في كتابه- بعد أن نقل بسنده عن الصعب أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: لا حمى إلّاللَّهورسوله[2]-: «كان الرجل العزيز من العرب إذا انتجع بلداً مخصباً أوفى بكلب على جبل إن كان به، أو نشز إن لم يكن جبل، ثمّ استعواه وأوقف له من يسمع منتهى صوته بالعواء، فحيث بلغ صوته حماه من كلّ ناحية فيرعى مع العامّة فيما سواه، ويمنع هذا من غيره لضعفاء سائمته، وما أراد قرنه معها فيرعى معها. فترى أنّ قول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «ولا حمى إلّاللَّهورسوله» لا حمى على هذا المعنى الخاصّ، وأنّ قوله: «للَّهكلّ محمي وغيره ورسوله» أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إنّما كان يحمي لصلاح عامّة المسلمين، لا لما يحمي له غيره من حاجة نفسه»[3].
ومن الطبيعي أن ينكر الإسلام الحمى؛ لأنّ الحقّ الخاصّ فيه يقوم على أساس السيطرة، لا على أساس العمل؛ ولهذا لا يسمح بذلك لأحد من المسلمين، وجاء النصّ يؤكّد شجب هذا الاسلوب من التملّك والاحتكار للمصادر الطبيعيّة،
[1] جواهر الكلام 38: 62
[2] سنن أبي داود 3: 180، الحديث 3083
[3] الامّ 4: 47