(72) الخامس: كلّ جهد علميّ يؤديّ إلى اليقين أو الاطمئنان بأنّ القمر قد خرج من المَحاق؛ وأنّ الجزء النيّر منه الذي يواجه الأرض (الهلال) موجود في الافق بصورة يمكن رؤيته فلا يكفي لإثبات الشهر القمريّ الشرعي أن يؤكّد العلم بوسائله الحديثة خروج القمر من المَحاق ما لم يؤكّد إلى جانب ذلك إمكان رؤية الهلال وتحصل للإنسان القناعة بذلك على مستوى اليقين أو الأطمئنان.
(73) وهناك حالات تلاحظ في الهلال عندما يُرى لأوّل مرّة كثيراً ما يتّخذها الناس قرينةً لإثبات أنّه في ليلته الثانية، وأنّ الشهر القمريّ كان قد بدأ في الليلة السابقة على الرغم من عدم رؤيته، من قبيل أن يكون الهلال على شكل دائرة، وهو ما يسمّى بتطوّق الهلال، أو سمك الجزء المنير منه وسعته، أو استمرار ظهوره قرابة ساعة من الزمان وعدم غيابه إلّا بعد الشفق مثلا، إذ يقال حينئذ عادةً: إنّ الهلال لو كان جديد الولادة ولم يكن ابن ليلة سابقة لَما كان بهذه الكيفية أو بهذه المدّة.
ولكنّ الصحيح: أنّ هذه الحالات لا يمكن اتّخاذها دليلا لإثبات بداية الشهر القمريّ الشرعي في الليلة السابقة؛ لأنّ أقصى ما يمكن أن تثبته هو أنّ القمر كان قد خرج من المَحاق قبل فترة طويلة؛ ولهذا أصبح بهذه الكيفية أو بهذه المدة، لكنّه لا يدلّل على أنّه كان بالإمكان رؤيته في غروب الليلة السابقة، فلو كان القمر- مثلا- قد خرج من المَحاق قبل اثنتي عشرة ساعةً من الغروب الذي رُئي فيه لأول مرّة فسوف يبدو أوضح وأشمل نوراً وأطول مدّة ممّا لو كان قد خرج من المَحاق قبل دقائق من الغروب، على الرغم من أنّه ليس ابن الليلة السابقة في كلتا الحالتين.
وعلى العموم لا يجوز الاعتماد على الظنّ في إثبات هلال شهر رمضان