يومنا هذا، فقد كان الأئمّة (عليهم السلام) يوجّهون السائلين من أبناء الأمصار الاخرى إلى تقليد الفقهاء من أبناء مدرستهم والرجوع إليهم، ولا يرون لهم عذراً في التسامح في ذلك.
حرمة التقليد في اصول الدين:
وفي الوقت الذي أوجبت فيه الشريعة التقليد بالمعنى الذي ذكرناه في فروع الدين من الحلال والحرام حرّمته في اصول الدين، فلم تسمح للمكلف بأن يقلّد في العقائد الدينية الأساسية؛ وذلك لأنّ المطلوب شرعاً في اصول الدين أن يحصل العلم واليقين للمكلف بربّه ونبيّه ومعاده ودينه وإمامه، ودعت الشريعة كلّ إنسان إلى أن يتحمّل بنفسه مسؤولية عقائده الدينية الأساسية، بدلا عن أن يقلّد فيها ويحمّل غيره مسؤوليتها.
وقد عنّف القرآن الكريم بأشكال مختلفة اولئك الذين يبنون عقائدهم الدينية ومواقفهم الأساسية من الدين- قبولا ورفضاً- على التقليد للآخرين بدافع الحرص على طريقة الآباء- مثلا- والتعصّب لهم، أو بدافع الكسل عن البحث والهروب من تحمّل المسؤولية.
ومن الواضح أنّ العقائد الأساسية في الدين- اصول الدين- لمّا كانت محدودةً عدداً من ناحية، ومنسجمةً مع فطرة الناس عموماً من ناحية اخرى على نحو تكون الرؤية المباشرة الواضحة ميسورةً فيها غالباً، وذات أهمّية قصوى في حياة الإنسان من ناحية ثالثة كان تكليف الشريعة لكلّ إنسان بأن يبذل جهداً مباشراً في البحث عنها واكتشاف حقائقها أمراً طبيعياً، ولا يواجه غالباً صعوبةً كبيرة، ولا يؤثّر على المجرى العملي لحياة الإنسان؛ ولَئِن واجه أحياناً صعوبات