(52) والعنصران الأول والثاني لابدّ من مقارنتهما لكلّ أجزاء الصلاة من تكبيرة الأحرام إلى آخر الأجزاء، ولا نعني بالمقارنة أن لاتتقدّم النية على الصلاة، بل أن لاتتأخّر عن أوّل جزء من أجزائها وهو تكبيرة الإحرام. فمن نوى أن يصلّي قربةً إلى الله تعالى، ولكن أخّره عن تكبيرة الإحرام الفحصُ عن التربة- مثلا- ثمّ وجدها فكبّر على أساس تلك النية صحّت صلاته.
كما أنّ مقارنة النيّة لكلّ الأجزاء لايعني أنّ المصلّي يجب أن يكون منتبهاً إلى نيّته إنتباهاً كاملا كما كان في اللحظة الاولى، فلو نوى وكبرّ ثمّ ذهل عن نيته وواصل صلاته على هذه الحال من الذهول صحّت صلاته ما دامت النية كامنةً في أعماقه، على نحو لو سأله سائل ماذا تفعل؟ لانتبه فوراً إلى أنّه يصلّي قربةً إلى الله تعالى.
(53) وأمّا العنصر الثالث في النية- وهو قصد الاسم الخاصّ للصلاة المميِّز لها شرعاً- فيجب أن يستمرّ مع الصلاة أيضاً، فإذا نوى المصلّي في الأثناء صلاةً اخرى وأتمّها على هذا الأساس بطلت صلاته؛ إلّا في حالتين:
(54) الاولى: أن يكون ذلك ذهولا أو نسياناً، كما إذا أقام صلاة الصبح كفريضة واجبة، وفي أثنائها تخيّل أنّها نافلة وأتمّها قاصداً بها النافلة فإنّ الصلاة في هذه الحال تصحّ صبحاً كما نواها من قبل، وإذا أقامها نافلةً منذ البداية وفي الأثناء تخيّل أنّه يصلّي الصبح الواجبة وأتمّها كذلك صحّت نافلته كما نواها أوّلا.
وبكلمة: تقاس الصلاة بالباعث الأول، ولا أثر لمجرّد التصوّر والتخيّل الطارئ الناشئ من الغفلة والنسيان.
(55) الثانية: أن يبدِّل نيّته إلى الصلاة الاخرى في حالات يسوغ فيها نقل النية من صلاة إلى صلاة اخرى، ويسمّى ذلك فقهيّاً بالعدول.
فمنها: أن يصلّي العصر ويتذكّر أنّه لم يصلّ الظهر، فيعدل إليها ويكمّلها ظهراً، ثمّ يصلّي العصر.