الأول أيضاً ثلث المسافة، فسافر إلى البلد الثاني قاصداً العودة إلى مقرّه من نفس الطريق، وعليه يكون المجموع من الذهاب إلى البلد الثاني والإياب إلى الوطن تمام المسافة المعتبرة الثلث للذهاب والثلثان للإياب، وعندئذ يقصّر.
ومثال آخر بشكل أكثر تحديداً: كوفي يقصد السفر إلى النجف، وفي النجف يتجدّد له رأي في السفر إلى (أبو صخير)، ثمّ الرجوع منها إلى الكوفة مارّاً بالنجف، فالمسافة هنا تعتبر من النجف إلى (أبو صخير) إلى النجف إلى الكوفة، وأمّا ما طواه أوّلا من مسافة من الكوفة إلى النجف فيلغى؛ لأنّه لم يكن قاصداً بذلك المسافة المحدّدة بالكامل.
(117) وطالب الضالّة والكلأ والهائِم على وجهه لا يدري أين يتّجه؟ كلّ هؤلاء وما أشبه، يُتمّون الصلاة وإن طَووا المسافة المحدّدة؛ لأنّهم لا يقصدون ذلك.
(118) وقد يكون المسافر قاصداً للمسافة المحدّدة في سفره، ولكنّه يشكّ في تمكّنه من مواصلة السفر، أو يحتمل أن تطرأ في الطريق بعض الأسباب التي تصرفه عن الاستمرار في السفر، ففي مثل ذلك لا يعتبر القصد متوفّراً، ولا يصحّ القصر ما لم يكن الاحتمال ضئيلا وممّا لا يعتنى به عادةً من الناحية العملية.
(119) وكلّ من علّق سفره على شرط مجهول الحصول فهو غير قاصد للسفر، وحكمه حكم الحاضر.
ومثاله: أن يخرج من بيته ويسافر إلى ما دون المسافة المعتبرة باحثاً عن رفيق له في سفره، فإن وجده مضى في السير حتّى نهايته، وإلّا عاد إلى ما بدأ.
(120) ولا فرق أبداً في قصد المسافة بين أن يكون قصداً مستقلا أو تابعاً لقصد شخص آخر، كالزوجة مع زوجها. وأيضاً لا فرق بين أن يكون التابع مختاراً- كالرفيق الذي أوكل أمر السفر إلى رفيقه- وبين أن يكون غير مختار،