فإذا خرج وسافر من وطنه وجب عليه القصر، ولكن بشروط، وضمن تفصيلات تجدها في ما يأتي:
(92) ومن الجدير الإشارة إلى أنّ بالإمكان أن يكون لدى الإنسان وطنان، نذكر لذلك الصور التالية:
الاولى: أن يتّخذ الشامي القاهرة مقرّاً له مدّة خمس سنوات للدراسة، ثمّ يعود بعد ذلك إلى بلده، فهذا له وطنان: أحدهما الشام، والآخر القاهرة.
الثانية: أن يتّخذ تاجر في بيروت مسكناً صيفياً له في «جباع» أو «كيفون» يسكنه خمسة أشهر في السنة، ويسكن في بيروت باقي شهور السنة، فيكون كلّ منهما وطناً له، ومتى وجد في أحدهما وأراد أن يصلّي فتكليفه التمام، حتّى ولو صلّى في كيفون شتاءً وفي بيروت صيفاً.
الثالثة: أن يكون له بلدان، يقيم في هذا البلد أيّاماً وفي ذلك البلد أيّاماً، كإنسان له زوجتان في بلدين يمكث عند هذه اسبوعاً وعند تلك اسبوعاً ما دام حيّاً، أو إلى أمد بعيد.
(93) وإذا كان للإنسان وطن على أحد الأوجه الأربعة المتقدّمة، ثمّ تردّد في مواصلة استيطانه وأخذ يفكّر في تركه فلا يخرج عن كونه وطناً بمجرّد التردّد والتفكير.
(94) وقد تسأل- على ضوء ما ذكرناه- وتقول: إنّ العديد من عباد الله يهاجرون من أوطانهم إلى بلاد نائية طلباً للرزق والكسب الحلال، كالذين يقصدون بلاد أفريقيا وغيرها، ومنهم من يهاجر من أجل العلم وطلبه، كالّذين يقصدون النجف الأشرف ونحوها، وكلّ من اولئك وهؤلاء يمكثون في مهجرهم أمداً غير قصير فهل يجري عليهم حكم الوطن فيقيمون الصلاة تامّةً كاملةً ولايسوغ فيه القصر بحال من الأحوال؟