الوضع الاجتماعي بحالة الأفكار، وحالة الأفكار بالوضع الاجتماعي … وما دامت هذه المسألة بلا حلّ كان العلم لا ينفكّ عن الدوران في حلقة مفرغة، بإعلانه: أنّ (ب) سبب (أ)، مع تعيينه (أ) كسبب ل (ب)»[1].
والسبيل الآخر- سبيل الماركسية-: أن نواصل تقدّمنا في التفسير والتعليل وفقاً لمبدأ العلّية، ونتخطّى أفكار الإنسان وآراءه وعلاقاته الاجتماعية بمختلف أشكالها، نتخطّاها لأنّها كلّها ظواهر اجتماعية تحدث وتتطوّر، فهي بحاجة إلى تعليل وتفسير. ولا يبقى علينا في هذه اللحظة الحاسمة من تسلسل البحث إلّاأن نفتّش عن سرّ التأريخ خارج نطاق هذه الظواهر جميعاً، وليس خارج نطاقها إلّا وسائل الإنتاج. وبكلمة اخرى: الطبيعة التي يمارسها الإنسان منذ أقدم العصور.
إنّ قوى الإنتاج هذه هي وحدها التي يمكنها أن تجيب على السؤال الذي كنّا نعالجه: لماذا وكيف حدثت الأحداث التأريخية وتطوّرت وفقاً للضرورة الفلسفية القائلة: بأنّ الأحداث لا تخضع للمصادفة، وأنّ لكلّ حادثة سببها الخاصّ (مبدأ العلّية)؟
وهكذا لا يمكن للتفسير التأريخي أن ينجو من الحركة الدائرية العقيمة في مجال البحث إلّاإذا وضع يده على وسائل الإنتاج كسبب أعلى للتأريخ والمجتمع.
هذا هو الدليل الفلسفي، وقد حرصنا على عرضه بأفضل صورة ممكنة، ويُعدّ أهمّ كتاب استهدف بمجموعة بحوثه كلّها التركيز على هذا اللون من الاستدلال: (فلسفة التأريخ) للكاتب الماركسي الكبير بليخانوف، وقد لخّصنا
[1] فلسفة التأريخ: 44