لاستخدامه في سبيل إيجاد التوازن بإغناء الفقراء ورفع مستوى معيشتهم.
وقد شرح القرآن الكريم دور الفيء- الذي هو أحد موارد بيت المال- في إيجاد التوازن، فقال: «ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ»[1].
وقد مرّ بنا أنّ هذه الآية الكريمة تتحدّث عن مصرف الفيء، فتضع اليتامى والمساكين وابن السبيل إلى صفّ اللَّه والرسول وذي القربى، وهذا يعني: أنّ الفيء مُعدّ للإنفاق منه على الفقراء، كما هو مُعدّ للإنفاق منه على المصالح العامّة المرتبطة باللَّه والرسول. وتدلّ الآية بوضوح على أنّ إعداد الفيء للإنفاق منه على الفقراء يستهدف جعل المال متداولًا وموجوداً لدى جميع أفراد المجتمع؛ ليحفظ بذلك التوازن الاجتماعي العامّ، ولا يكون دُولة بين الأغنياء خاصّة.
والفيء في الأصل: ما يغنمه المسلمون من الكفّار بدون قتال، وهو ملك للدولة، أي للنبيّ والإمام باعتبار المنصب. ولذلك يعتبر الفيء نوعاً من الأنفال، وهي الأموال التي جعلها اللَّه ملكاً للمنصب الذي يمارسه النبيّ والإمام، كالأراضي الموات أو المعادن على قول[2].
ويطلق الفيء في المصطلح التشريعي على الأنفال بصورة عامّة، بدليل ما جاء في حديث محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام أ نّه قال: «الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء، وقوم صُولحوا أو أعطوا
[1] سورة الحشر: 7
[2] راجع منتهى المطلب( ط. الحجريّة) 2: 922 س 6، و 936 س 32، وتذكرة الفقهاء( ط. الحجريّة) 2: 403، كتاب الإحياء