الإسراف، وتبديد الأموال بدون مبرّر.
3- يسمح الإسلام للإمام بالتدخّل في الإنتاج للمبرّرات الآتية:
أوّلًا: لكي تضمن الدولة الحدّ الأدنى من إنتاج السلع الضروريّة، والحدّ الأعلى الذي لا يجوز التجاوز عنه؛ لأنّ من الواضح أنّ سير مشاريع الإنتاج الخاصّة وفقاً لإرادة أصحابها، دون توجيه مركزي من قبل السلطة الشرعيّة يؤدّي في عصور الإنتاج المعقّد والضخم إلى تسيّب الإنتاج الاجتماعي، وتعرّضه للإسراف والإفراط من جانب، وللتفريط بالحدّ الأدنى من جانب آخر فلا بدّ لضمان سير الإنتاج الاجتماعي بين الحدّين من الإشراف والتوجيه.
وثانياً: لأجل أن تملأ منطقة الفراغ حسب مقتضيات الظروف فإنّ منطقة الفراغ تضمّ جميع ألوان النشاط المباحة بطبيعتها، فلوليّ الأمر أن يتدخّل في هذه الألوان من النشاط، ويحدّد منها في ضوء الأهداف العامّة للاقتصاد الإسلامي.
وسوف نتحدّث بتفصيل عن منطقة الفراغ هذه وحدودها ودورها في البحث المقبل. والذي نعنيه هنا أنّ الصلاحيّات الممنوحة لوليّ الأمر في ملء منطقة الفراغ تجعل من حقّه التدخّل في حركة الإنتاج والإشراف عليها، وتحديدها ضمن منطقة الفراغ المتروكة للدولة.
وثالثاً: أنّ التشريع الإسلامي بشأن توزيع الثروات الطبيعيّة الخام يفسح المجال بطبيعته للدولة لكي تتدخّل، وتهيمن على الحياة الاقتصاديّة كلّها؛ لأنّ تشريع الإسلام بهذا الشأن يجعل من المباشرة في العمل شرطاً أساسيّاً في تملّك الثروة الطبيعيّة الخام، واكتساب الحقّ الخاصّ فيها- على قول فقهي سبق في بعض الأبنية العلْويّة- وهذا يعني بطبيعته عدم إمكان قيام الفرد مهما كانت إمكاناته بالمشاريع الكبرى في استثمار الطبيعة وثرواتها العامّة ما دام لا يكتسب حقّه فيها إلّابالمباشرة. فيتعيّن على إنتاج الثروات الطبيعيّة الخام والصناعات