في ذهنه، وليس جدلًا أو ديالكتيكاً[1] للتأريخ. وإلّا فمتى كانت ملكية الحرفي الخاصّة لوسائل إنتاجه هي العلّة لتملّك الرأسمالي لها ليقال: إنّ النقيض ولد من نقيضه، وإنّ الاطروحة أنشأت طباقاً؟!
إنّ ملكية الحرفيين الخاصّة لوسائل إنتاجهم لم تكن هي السبب في وجود الإنتاج الرأسمالي، وإنّما وجد الإنتاج الرأسمالي نتيجة لتحوّل طبقة التجّار- ضمن شروط معيّنة، وبسبب تراكم ثرواتهم- إلى منتجين رأسماليين. وكانت ملكية الحرفيين لوسائل إنتاجهم بصورة مبعثرة ومتفرّقة عقبة في وجه اولئك التجاريين، الذين أصبحوا يمارسون الإنتاج الرأسمالي، ويطمعون في السيطرة على مزيد من وسائل الإنتاج، فاستطاعوا بنفوذهم أن يسحقوا تلك العقبة، وينتزعوا- بشكل أو آخر- وسائل الإنتاج من أيدي الحرفيين ليثبتوا بذلك أركان الإنتاج الرأسمالي، ويوسّعوا من مداه. فالإنتاج الرأسمالي وإن احتلّ مكان الإنتاج الفردي القائم على أساس ملكية الحرفي لوسائل إنتاجه، ولكنّه لم ينشأ عن ملكية الحرفي لأدوات إنتاجه، كما ينشأ الطباق من الاطروحة، وإنّما نشأ من ظروف الطبقة التجارية، وتراكم رأس المال عندها بدرجة جعلها تمارس الإنتاج الرأسمالي، وبالتالي تسيطر على ممتلكات طبقة الحرفيين.
وبكلمة واحدة: إنّ الشروط الخارجية- كالتجارة واستغلال المستعمرات واكتشاف المناجم- لو لم تمنح التجاريين ملكية ضخمة وقدرة على الإنتاج الرأسمالي وعلى تجريد الحرفيين في نهاية المطاف من وسائلهم … لو لم تنتج تلك الشروط لهم هذه الإمكانات لَما برز الإنتاج الرأسمالي إلى الوجود، ولما استطاعت ملكية الحرفيين أن تخلق نقيضها، وتوجد الإنتاج الرأسمالي،
[1] الجدل والديالكتيك بمعنى واحد.( المؤلف قدس سره)