واقعة إلى مستوى قاعدة عامّة لا يسمح لأيّ فرد بأن يضمن لنفسه كسباً بدون عمل؛ لأنّ العمل هو المبرّر الأساسي للكسب في النظريّة[1].
فالمدلول السلبي للقاعدة تقرّره النصوص مباشرة، كما ترتبط به عدّة أحكام من البناء العلْوي المتقدّم.
فمن تلك الأحكام: منع المستأجر للأرض أو الدار أو أيّ أداة إنتاج عن إيجارها باجرة أكبر ممّا كلّفه استئجارها ما لم ينفق عليها عملًا؛ لأنّ ذلك يجعله يكسب التفاوت بدون عمل منفق متّصل أو منفصل. فإذا استأجر الشخص داراً بعشرة دنانير وآجرها بعشرين خرج من ذلك بعشرة دنانير مكسباً خالصاً بدون عمل منفق، فكان من الطبيعي إلغاؤه على أساس القاعدة التي اكتشفناها.
ومن الأحكام التي ترتبط بالقاعدة أيضاً: منع الأجير عن استئجار غيره للقيام بالمهمّة التي استؤجر عليها باجرة أقلّ ممّا حصل عليه، كما مرّ في الفقرة (12). فمن استؤجر لخياطة ثوب مثلًا بعشرة دراهم لا يجوز له أن يستأجر شخصاً آخر لهذه المهمّة نظير ثمانية دراهم؛ لأنّ هذا يؤدّي إلى احتفاظه بالتفاوت بين الاجرتين والحصول على درهمين بدون عمل، فحرّمت الشريعة ذلك تطبيقاً للقاعدة بمدلولها السلبي الذي يرفض ألوان الكسب التي لا تقوم على أساس العمل. وإنّما اجيز للخيّاط الذي استأجره صاحب الثوب أن يستأجر غيره بثمانية دراهم للقيام بالمهمّة ويحتفظ لنفسه بدرهمين في حالة واحدة، وهي: ما إذا كان قد مارس بنفسه جزءاً من العمليّة وأنجز مرحلة من الخياطة التي استؤجر عليها، ليكون الظفر بدرهمين نتيجة لعمل منفق على الثوب.
وحكم ثالث نجده في البناء العلْوي مرتبطاً أيضاً بالقاعدة ومدلولها
[1] راجع الملحق رقم 17