عقد المساقاة يمكن للعامل أن يعقد مع صاحب الأشجار عقداً يتعهّد فيه بسقيها في مقابل منحه نسبةً مئويّةً في الثمرة. وفي عقد المضاربة يسمح للعامل بأن يتّجر لصاحب المال ببضاعته على أن يقاسمه أرباح تلك البضاعة. وفي الجعالة يجوز لتاجر الأخشاب مثلًا أن يعلن استعداده لمنح أيّ شخص يصنع سريراً من تلك الأخشاب نصف قيمة السرير، فتصبح مكافأة العامل بموجب ذلك مرتبطة بمصير العمليّة التي يمارسها.
وفي كلا الاسلوبين لتحديد مكافأة العامل لا يجوز لصاحب المال أن يضع عليه شيئاً من الخسارة، بل يتحمّل صاحب المال الخسارة كلّها، وحَسْب العامل من الخسارة- إذا ارتبط معه على أساس المضاربة- أن تضيع جهوده سدى.
وأمّا أدوات الإنتاج- أي الأشياء والآلات التي تستخدم خلال العمليّة، كالمغزل والمحراث مثلًا، إذ يستعملان في غزل الصوف وحرث الأرض- فمكافأتها تنحصر شرعاً في اسلوب واحد وهو الأجر، فإذا أردت أن تستخدم محراثاً يملكه غيرك أو شبكة توجد عند شخص خاصّ فلك أن تستأجر المحراث أو الشبكة من صاحبها، كما مرّ في الفقرة الثانية من البناء العلْوي المتقدّم، وليس لصاحب المحراث أو الشبكة أن يطالب بمكافأة عن طريق إشراكه في الأرباح.
فالتمتّع بنسبة مئويّة من الربح الذي سمح به للعمل حرمت منه أدوات الإنتاج فليس من حقّ مالك الأداة أن يضارب عاملًا عليها، أي أن يدفع إليه شبكة الصيد مثلًا ليصطاد بها ويشاركه في الأرباح، كما رأينا في الفقرة (11) من البناء العلْوي، كما لا يصلح لمن يملك محراثاً وبقراً أو آلة زراعيّة أن يزارع عليها، فيدفعها إلى المزارع ليستخدمها في عمليّاته ويقاسمه الناتج، كما سبق في الفقرة (3) من البناء، إذ عرفنا من نصّ فقهي للشيخ الطوسي أنّ عقد المزارعة إنّما يقوم بين فردين: أحدهما يتقدّم بالأرض والبذر، والآخر يتقدّم بالعمل، فلا يكفي