واللَّه تعالى هو الذي منح الإنسان هذه الخلافة، ولو شاء لانتزعها منه «إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ»[1].
وطبيعة الخلافة تفرض على الإنسان أن يتلقّى تعليماته بشأن الثروة المستخلَف عليها ممّن منحه تلك الخلافة، قال اللَّه تعالى: «آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ أَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ»[2]، كما أنّ من نتائج هذه الخلافة أن يكون الإنسان مسؤولًا بين يدي من استخلفه، خاضعاً لرقابته في كلّ تصرّفاته وأعماله، قال اللَّه تعالى: «ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ»[3].
والخلافة في الأصل هي للجماعة كلّها؛ لأنّ هذه الخلافة عبّرت عن نفسها عمليّاً في إعداد اللَّه تعالى لثروات الكون ووضعها في خدمة الإنسان. والإنسان هنا هو العامّ الذي يشمل الأفراد جميعاً، ولذا قال تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»[4].
وأشكال الملكيّة بما فيها الملكيّة والحقوق الخاصّة إنّما هي أساليب تتيح للجماعة- باتّباعها- أداء رسالتها في إعمار الكون واستثماره، قال اللَّه تعالى:
«هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَ رَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ»[5]. فالملكيّة والحقوق الخاصّة التي مُنحت لبعض دون بعض فاختلفت
[1] سورة الأنعام: 133
[2] سورة الحديد: 7
[3] سورة يونس: 14
[4] سورة البقرة: 29
[5] سورة الأنعام: 165