إذا فقد كلا هذين الأساسين.
فالحقوق الخاصّة في المصادر الطبيعيّة تعتبر رأسماليّاً مظهراً من مظاهر حرّية الإنسان التي يتمتّع بها في ظلّ النظام الرأسمالي، بينما هي في الإسلام مظهر من مظاهر نشاط الإنسان، وممارسته لأعمال الانتفاع والاستثمار.
وأمّا الماركسيّة فهي تؤمن بإلغاء كلّ لون من ألوان الملكيّة الخاصّة للمصادر الطبيعيّة وسائر وسائل الإنتاج، وتدعو إلى تحرير تلك الوسائل من الحقوق الخاصّة، إذ لم يعد لها مبرّر منذ دخل التاريخ المرحلة المحدّدة التي دقّت الصناعة الآليّة أجراسها في عصر الإنسان الرأسمالي الحديث.
وإيمان الماركسيّة بضرورة هذا الإلغاء لا يعني من الناحية النظريّة التحليليّة أنّ الملكيّة الخاصّة لا مبرّر لها في المفهوم الماركسي إطلاقاً، وإنّما يعبّر عن إيمانها مذهبيّاً بأنّ الملكيّة الخاصّة قد استنفدت كلّ أغراضها في حركة التاريخ، ولم يبقَ لها مجال في تيّار التاريخ الحديث بعد أن فقدت مبرّراتها وأصبحت قوّة معاكسة للتيّار.
ولكي نقارن بين النظريّة الماركسيّة والإسلام يجب أن نعرف ما هي المبرّرات في النظريّة الماركسيّة للملكيّة الخاصّة؟ وكيف فقدت في عصر الإنتاج الرأسمالي هذه المبرّرات[1]؟
[1] نريد هنا بالنظريّة الماركسيّة: النظريّة الاقتصاديّة للمذهب الماركسي، لا نظرية ماركس في تفسير التاريخ وتحليله، فإنّ الملكيّة الخاصّة تدرس تارةً بوصفها ظاهرة تاريخيّة، وهي بهذا الوصف تبرّر ماركسيّاً- على أساس نظريّة ماركس في التاريخ- بظروف التناقض الطبقي وشكل الإنتاج ونوع القوى المنتجة.
وتدرس الملكيّة الخاصّة تارةً اخرى على أساس اقتصادي بحت لاكتشاف مبرّراتها التشريعيّة، لا المبرّر التاريخي لوجودها. وفي هذه المرّة يجب التفتيش عن مبرّراتها الماركسيّة في نظريّة ماركس في القيمة والعمل والقيمة الفائضة.( المؤلّف قدس سره)