والشيء الوحيد الذي مرّ بنا عن موقف النظريّة من الثروات المنقولة أنّ حيازة هذه الثروات تعتبر نظريّاً عملًا ذا صفة اقتصاديّة من أعمال الانتفاع والاستثمار، خلافاً لحيازة المصدر الطبيعي التي تحمل طابع الاحتكار والاستئثار، ولا تتّسم بالصفة الاقتصاديّة.
وقد استخدمنا فرضيّة الإنسان المنفرد للتدليل بها على هذا الفرق بين حيازة المصادر الطبيعية وحيازة الثروات المنقولة.
فالاستيلاء- إذن- على كمّية من الماء أو من خشب الغابة أو أيّ ثروة طبيعيّة اخرى بالإمكان نقلها يعتبر قبل كلّ شيء عملًا من أعمال الانتفاع والاستثمار، ولهذا تدخل حيازة الثروات المنقولة في حساب النظريّة التي لا تعترف بعمل سوى أعمال الانتفاع ذات الصفة الاقتصاديّة.
ولكنّ الحيازة ليست هي العمل الوحيد الذي تعترف به النظريّة وتقيمه في مجال الثروات المنقولة، فهناك نوع آخر من العمل في هذا المجال يشبه أعمال الإحياء في المصادر الطبيعيّة، وهو العمل لإيجاد فرصة الانتفاع بالثروة الطبيعيّة المنقولة إذا كانت تشتمل بطبيعتها على مقاومة للانتفاع بها، كصيد الحيوان النافر، فإنّ العمل الذي يشلّ به الصيّاد مقاومة الحيوان الذي يصطاده يخلق فرصة الانتفاع بذلك الحيوان بسبب القضاء على مقاومته، كما يخلق العامل فرصة الانتفاع بالأرض الميتة عن طريق إحيائها والقضاء على مقاومتها وتذليل تربتها.
فالحيازة والعمل لإيجاد فرصة الانتفاع نوعان من العمل يحملان معاً الطابع الاقتصادي في مجال الثروات المنقولة، ولكنّ العمل لإيجاد فرصة جديدة للانتفاع بالثروة كالصيد يمتاز عن الحيازة بدوره الإيجابي في خلق هذه الفرصة، إذ أنّ الحيازة ذات دور سلبي من هذه الناحية؛ لأنّها بوصفها مجرّد عمليّة استيلاء على الثروة لا تخلق فيها فرصة جديدة للانتفاع بها بشكل عام. فأنت حين تحوز