بالإحياء من غير إحداث عمارة، وهذا لا يمكن في المعادن[1]، بمعنى أنّ الفرصة التي يخلقها الإحياء في المعدن محدودة فيكون الحقّ محدوداً تبعاً لذلك.
وهذا الاكتشاف للترابط بين حقّ العامل في المصدر الطبيعي والفرصة التي ينتجها العمل في ذلك المصدر يترتّب عليه منطقيّاً أن يزول حقّ الفرد في المصدر إذا تلاشت تلك الفرصة التي أنتجها؛ لأنّ حقّه في المصدر الطبيعي كان يقوم- كما عرفنا- على أساس تملّكه لتلك الفرصة، فإذا زالت سقط حقّه. وهذا ما نجده تماماً في الفقرة الرابعة والخامسة من البناء العلْوي الذي قدّمناه.
ولنأخذ الآن أعمال الإحياء هذه التي تمنح الفرد العامل حقّاً خاصّاً في المصدر الطبيعي، كإحياء الأرض واستخراج المنجم واستنباط العين؛ لكي ندرس بدقّة موقف النظريّة منها، ونرى ما إذا كانت نفس هذه الأعمال تختلف في الحقوق التي تنتجها، بعد أن درسنا الفرق بينها وبين سائر أعمال الانتفاع والاستثمار، وعرفنا قبل ذلك الفرق بين أعمال الانتفاع والاستثمار بشكل عامّ وأعمال الاحتكار والاستئثار.
ونحن إذا استعرضنا من البناء العلْوي المتقدّم الحقوق التي تقوم على أساس أعمال الإحياء وجدنا أ نّها تختلف من عمل لآخر، فالأرض التي أحياها الفرد لا يجوز لفرد آخر بدون إذنه استثمارها والتصرّف فيها ما دام الفرد الذي أحياها يتمتّع بحقّه في الأرض، بينما نجد أنّ الفرد إذا استنبط عيناً كان له الحقّ في مائها بقدر حاجته، وجاز للآخرين الاستفادة من العين فيما زاد على حاجة صاحبها.
ولهذا كان على النظريّة أن تشرح السبب الذي أدّى إلى اختلاف حقّ العامل في أرضه التي أحياها عن حقّ العامل في العين التي استنبطها، ولماذا سمح لأي
[1] راجع كتاب الامّ 4: 43