إقطاعاً في الحقيقة، وإنّما هو تسديد لُاجرة على خدمة.
وموضع هذا الإقطاع هو الأرض الخراجيّة التي تعتبر ملكاً للُامّة، إذ قد يتّفق للحاكم أن يمنح فرداً شيئاً من الأرض الخراجيّة ويسمح له بالسيطرة على خراجها.
وهذا التصرّف من الحاكم وإن عبّر في مدلوله التاريخي أحياناً- وبدون حقّ- عن عمليّة تمليك سافرة لرقبة الأرض، ولكنّه في مدلوله الفقهي وحدوده المشروعة، لا يعني شيئاً من ذلك، وإنّما يعتبر اسلوباً في تسديد الاجور والمكافآت التي تلتزم الدولة بدفعها إلى الأفراد نظير ما يقدّمون من أعمال وخدمات عامّة.
ولكي نعرف ذلك، يجب أن نستذكر أنّ الخراج- وهو المال الذي تتقاضاه الدولة من المزارعين- يعتبر ملكاً للُامّة، تبعاً لملكيّة الأرض نفسها، ولهذا يجب على الدولة أن تصرف أموال الخراج في المصالح العامّة للُامّة، كما نصّ على ذلك الفقهاء[1]، ممثّلين لتلك المصالح بمؤونة الولاة والقضاة، وبناء المساجد والقناطر، وغير ذلك؛ لأنّ الولاة والقضاة يقدّمون خدمة للُامّة، فيجب أن تقوم الامّة بمؤونتهم، كما أنّ المساجد والقناطر من المرافق العامّة التي ترتبط بحياة الناس جميعاً، فيجوز إنشاؤها من أموال الامّة وحقوقها في الخراج.
وواضح أنّ قيام الدولة بمؤونة الوالي والقاضي أو مكافأة أيّ فرد قدّم خدمة عامّة لمجموع الامّة، قد يكون بإعطاء الدولة له من بيت المال مباشرة، وقد يكون أيضاً بالسماح له بالحصول مباشرة على ريع بعض أملاك الامّة. والدولة تتبع عادة
[1] كالشيخ الطوسي في المبسوط 2: 34، وابن إدريس في السرائر 1: 477، والعلّامة الحلّي في منتهى المطلب( ط. الحجريّة) 2: 936