الثانوي، فيؤكّد بذلك ملكيته للسلعة كلّها. ويمكن أن يأذن لعاملٍ آخر في القيام بهذه العملية وفي هذه الحالة إمّا أن يشاركه في السلعة المنتجة على أساس الجُعالة، وإمّا أن يحدِّد له أجراً غير مجحفٍ بقيمة عمله.
والدولة هي التي توجّه هذه الاتّفاقات؛ لكي تضمن سلامتها من روح الاحتكار.
وحين تقدّر قيمة العمل كنسبةٍ من السلعة أو كأجرٍ ثابتٍ يجب على الدولة أن تلغي من الحساب الندرة المصطنعة التي تنشأ من عوامل الاحتكار، كما يتّفق في المجتمعات الرأسمالية؛ إذ يحتكر الرأسماليون الموادّ الأولية ويجعلون منها سلعةً نادرةً في سوق الإنتاج الثانوي على أساس الندرة المصطنعة التي يخلقها الاحتكار، بينما يكون العمل سلعةً مبذولةً؛ لعدم تدخّل الاحتكار في ندرتها، وحاجة العامل إلى عرض عمله في السوق بأيّ أجرٍ يكفل له الحدّ الأدنى من الحياة.
ومع إلغاء الندرة المصطنعة التي يخلقها الاحتكار تبرز للعمل قيمته الحقيقيّة، ويصفّى تدريجياً بصورةٍ طبيعيةٍ الإنتاج الرأسمالي في عمليات الإنتاج الثانوي؛ لأنّ النسبة الكبيرة من الكسب الرأسمالي في هذه العمليات تقوم على تحكيم عامل الندرة المصطنعة التي يخلقها الاحتكار، والتي تجعل حصّة رأس المال من السلعة المنتَجَة أكبرَ كثيراً من حصّة العمل المنفق في إنتاجها.
وينبغي أن يلاحظ بهذا الصدد أيضاً: أنّ ظروف الإنتاج الأوّلي وظروفَ التوزيع للثروة المنتَجَة وفقاً للاقتصاد الإسلامي لا تسمح بطبيعتها بظهور أعراض الرأسمالية وتناقضاتها في مجال الإنتاج الثانوي، فلن يكون بإمكان الفرد أن يحصل على كمّياتٍ هائلةٍ من الموادّ الأولية، أو من النقود التي يحوّلها في السوق إلى موادّ أوليةٍ، ويخلق عن هذا الطريق نوعاً من الاحتكار، ويمارس