ب- استهلاك المال
وكما وضع الإسلام قيوداً على تبادل المال كذلك وضع قيوداً على الإنفاق لإشباع الحاجات، وذلك بتحريم الإسراف[1] وتحريم التبذير[2]. و [تحريم] الإسراف يمثّل تحديداً كمّياً لنفقات المعيشة، إذ لا يسمح لأيِّ فردٍ في المجتمع الإسلامي أن يتجاوز الحدود المألوفة من إشباع الحاجات في مجتمعه، فإذا تجاوزها اعتبر ذلك إسرافاً ووجب على الدولة منعه.
وهذا أحد العاملين اللذَين يستخدمهما الإسلام في القضاء على الفروق الكبيرة بين مستويات المعيشة، وإذا لاحظنا إلى جانبه العامل الآخر وهو الارتفاع بمستوى معيشة الفقراء إلى المعدَّل العامّ للرخاء استطعنا أن نتبيّن كيف يحقّق الإسلام توازناً اجتماعياً في المعيشة بين أفراد المجتمع على الرغم من اختلاف الدخول.
والإسراف على ضوء ما ذكرناه أمر نسبيّ يتأثّر بدرجة الرخاء العامّ في المجتمع، فكلّما كانت درجة الرخاء المألوفة عموماً أكبر كان الإسراف يعني تجاوز تلك الدرجة بصورةٍ حادّة، بينما نفس هذه الدرجة تعتبر إسرافاً في مجتمعٍ أقلّ رخاءً على العموم.
وأمّا [تحريم] التبذير فهو يمثّل تحديداً كيفيّاً للتصرّف؛ إذ لا يسمح لأيِّ فردٍ بأن يصرف المال في نزواتٍ غير مقبولةٍ واندفاعاً مع خواطر غير متّزنة
[1] الأعراف: 31
[2] الإسراء: 26