التمهيد لدور الخلافة:
وقد قُدِّر لآدم عليه السلام أن يكون هو الممثِّل الأول للإنسانية التي استخلفها اللَّه تعالى على الأرض.
وبدأ آدم حياته كما يبدأ أيّ إنسانٍ آخر حياته في هذه الدنيا مع فارقٍ جوهري، وهو أنّ كلّ إنسانٍ يمرّ في مرحلة الطفولة بدور احتضانٍ إلى أن يبلغ رشده؛ لأنّ هذه المرحلة لا تسمح للإنسان بالاستقلال ومواجهة مشاكل الحياة وتحقيق أهداف الخلافة، فلابدّ من حضانةٍ ينمو الطفل من خلالها ويربّى في إطارها إلى أن يستكمل رشده.
وكلّ طفلٍ يجد عادةً في أبويه وجوِّهما العائلي الحضانةَ اللازمةَ له، غير أنّ الإنسان الأول- آدم- الذي لم ينشأ في جوٍّ عائليٍّ من هذا القبيل كان بحاجةٍ إلى دار حضانةٍ استثنائيةٍ يجد فيها التنمية والتوعية التي تؤهِّله لممارسة دور الخلافة على الأرض، من ناحية فهم الحياة ومشاكلها المادّية، ومن ناحية مسؤولياتها الخلقية والروحية. وقد عبّر القرآن الكريم عن دار الحضانة الاستثنائية التي وُفِّرت للإنسان الأول بالجنّة؛ إذ حقّق اللَّه تعالى في هذه الجُنَينة الأرضية لآدم وحوّاء كل وسائل الاستقرار وكفل لهما كل الحاجات: «إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها