وَ لا تَعْرى* وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَ لا تَضْحى»[1].
وكان لا بدّ من مرور فترةٍ تنمو فيها تجربة هذين الانسانين وتصل إلى الدرجة التي تُتيح لهما أن يبدآ مسيرتهما في الأرض وكدحهما نحو اللَّه من خلال ممارسة أعباء الخلافة، وكذلك كان لابدّ في هذه الفترة من تربية الإحساس الخُلقي وزرع الشعور بالمسؤولية وتعميقه في نفس الإنسان، وذلك عن طريق امتحانه بما يوجّه إليه من تكاليف وأوامر.
وكان أوّل تكليفٍ وُجِّه إليه أن يمسك عن شجرةٍ معيّنةٍ في تلك الجُنينة؛ ترويضاً للإنسان الخليفة على أن يتحكّم في نزواته، ويكتفي من الاستمتاع بطيّبات الدنيا بالحدود المعقولة من الإشباع الكريم، ولا ينساق مع الحرص المحموم على المزيد من زينة الحياة الدنيا ومتعها وطيّباتها؛ لأنّ هذا الحرص هو الأساس لكلّ ما شهده المسرح بعد ذلك من ألوان استغلال الإنسان للإنسان.
وقد استطاعت المعصية التي ارتكبها آدم بتناوله من الشجرة المحرَّمة أن تُحدث هزّةً روحيةً كبيرةً في نفسه، وتفجّر في أعماقه الإحساس بالمسؤولية من خلال مشاعر الندم. وطفق في اللحظة يخصف على جسده من ورق الجنة ليواري سوءته ويستغفر اللَّه تعالى لذنبه.
وبهذا تكامل وعيه في الوقت الذي كانت قد نضجت لديه خبرات الحياة المتنوّعة وتعلّم الأسماء كلها، فحان الوقت لخروجه من الجنة إلى الأرض التي استخلف عليها ليمارس مسيرته نحو اللَّه من خلال دوره في الخلافة.
[1] طه: 118- 119