المتفرّقة من النقد لا بدّ له من الحصول على أداةٍ بإمكانها أن تجذب هذه الكمّيات من حوزة أصحابها إلى الخزينة العامة للبنك، وما دام أصحابها يتمتّعون بملء الحرّية وفقاً للمذهب الرأسمالي، ولا يتحرّكون إلّابدافع الربح وتنمية المال وفقاً للاتّجاه الرأسمالي في الحياة، فمن الطبيعي أن يكون الاسلوب الوحيد الذي يمكِّن البنك من إغرائهم بدفع ما في حوزتهم من كمّياتٍ إليه هو التلويح بالأرباح والفوائد.
ومن هنا كان البنك الرأسمالي يمارس مهمّته الموضوعية على أساس نظام الفائدة ويمنح المودِعين نسبةً مئويةً معيّنةً من قيمة الوديعة توفيراً للدافع المادّي للايداع، إلّاأ نّه يحاول باستمرارٍ أن تكون النسبة المحدّدة ضئيلةً بالدرجة التي تكفل وجود فارقٍ كبيرٍ بين ما يدفعه من فوائد على الودائع، وما يحصل عليه بدوره من أرباح وفوائد عن طريق استثمار تلك الودائع أو إقراضها بفائدة.
[المهمّة المذهبيّة:]
وأمّا المهمّة المذهبية للبنك فهي تتمثّل في تحويل تلك الكمّيات المتفرّقة من النقود لا إلى رأس مالٍ بالمعنى الموضوعي فقط، بل إلى رأس مالٍ بالمعنى المذهبي أيضاً، وبالتالي تؤدّي باستمرارٍ إلى تعميق العلاقات الرأسمالية في المجتمع الرأسمالي.
ولكي نعرف كيف يؤدّي البنك هذه المهمّة يجب أن نعرف شيئاً عن طبيعة هذه العلاقات في المجتمع الرأسمالي.
إنّ جوهر العلاقات الرأسمالية اتّخاذ رأس المال أساساً لتنمية الثروة بصورةٍ منفصلةٍ عن العمل، وهذه التنمية ليس لها معنى ما لم ينظر اليها في إطارٍ مذهبي، أي في إطار نظامٍ معيّنٍ من توزيع الثروة؛ لأنّنا إذا جرّدنا عملية إنتاج