الأموال المنقولة
وأمّا القسم الثاني من الثروات الطبيعية فقد أطلقنا عليه اسم الأموال المنقولة. وهذه الأموال مباحة لأفراد المجتمع جميعاً، وتعتبر حيازة الفرد لها بأشكالها المختلفة- من اقتطاع الخشب من الغابة واصطياد السمك من البحر، واستقاء الماء من النهر، وغير ذلك- عملًا اقتصادياً لا احتكارياً.
وعلى هذا الأساس اقرّت الحيازة في الثروات المنقولة بوصفها سبباً للملكية، كالإحياء بالنسبة إلى المصادر الطبيعية.
وكلٌّ من إحياء المصدر الطبيعي وحيازة الثروة المنقولة عملٌ اقتصادي يخلق فرصة للانتفاع بالمال، فالعامل الممارس للإحياء أو الحيازة يملك هذه الفرصة، ولمّا كان المصدر الطبيعي أكبر عادة من فرصة للانتفاع التي يخلقها المحيي بإحيائه، فلا يعني تملّك الفرصة تملّك المصدر نفسه، بل يظلّ المصدر ملكاً عاماً، ويسمح للآخرين بإيجاد فرصٍ مناسبةٍ للاستفادة منه أيضاً.
وأمّا المال المنقول- هذه الكمّية المحدودة من الماء أو السمك أو الخشب- فلمّا كان من الناحية العملية يساوي فرصة الانتفاع به التي يحقّقها العامل بالاستقاء أو الاصطياد أو الاقتطاع، كانت الحيازة سبباً لملكية العامل للمال المنقول الذي حازه.
ونلاحظ هنا- كما لاحظنا في عمليات الإحياء- أنّ الإسلام لا يقرّ الحيازة بالطريقة الرأسمالية، فإذا قدَّم شخص رأس المال الكافي لعملية الحيازة بأن أعطى لمجموعةٍ من الصيّادين اجورَهم اليومية وأدوات الصيد، لم يكتسب بذلك حقّاً في الثروة التي يحوزونها، وإنّما ينشأ الحقّ والملكية الخاصّة للثروة المنقولة من العمل