أ- الإيمان بالإسلام:
لا شكّ في أنّ إنسان العالَم الإسلامي يؤمن بالإسلام بوصفه ديناً ورسالةً من اللَّه تعالى أنزلها على خاتم أنبيائه، ووعد من اتّبعها وأخلص لها بالجنّة وتوعّد المتمرِّدين عليها بالنار.
وهذا الإيمان يعيش في الجزء الأعظم من المسلمين عقيدةً باهتةً فقدت عبر عصور الانحراف كثيراً من اتّقادها وشعلتها، وبخاصّةٍ بعد أن دخل العالم الإسلامي عصر الاستعمار وعمل المستعمرون من أجل تذويب هذه العقيدة وتفريغها من محتواها الثوري الرشيد.
ومن أجل ذلك لم يَعد المسلمون تعبيراً عن الامّة الإسلامية التي جعلها اللَّه امّةً وسطاً لتتولّى الشهادة على العالم وكانت خير امّةٍ اخرجت للناس؛ لأنّ الامّة الإسلامية ليست مجرّد تجميعٍ عدديّ للمسلمين، وإنّما تعني تحمّل هذا العدد لمسؤوليته الربّانية على الأرض، فالامّة الإسلامية مسؤولة داخلياً بأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أي بأن تحوِّل عقيدتها إلى عملية بناء: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ»[1].
وقد جُعل الإيمان باللَّه الخصيصة الثالثة للُامّة الإسلامية بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تأكيداً على أنّ المعنى الحقيقي للإيمان ليس هو العقيدة المحنّطة في القلب، بل الشعلة التي تتّقد وتشعّ بضوئها على الآخرين، والامّة الإسلامية مسؤولة خارجياً عن العالَم كلّه بحكم كونها امّةً وسطاً وشهيدةً عليه: «وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ …»[2].
فما لم يكن المسلمون على مستوى هاتين المسؤوليّتين فلا امّة إسلامية
[1] آل عمران: 110
[2] البقرة: 143