بل تغيير شكل الرعاية، فبدلًا عن الرعاية من خلال قانونٍ طبيعيّ لا يتخلّف- كما تُرعى حركات الكواكب ومسيرة كلّ ذرّةٍ في الكون- يتولّى اللَّه سبحانه وتعالى تربية هذا الخليفة وتعليمه لكي يصنع الإنسان قَدَرَه ومصيره، وينمِّي وجوده على ضوء هدىً وكتابٍ منير.
ومن هنا علّم اللَّه تعالى آدم الأسماءَ كلَّها، وأثبت للملائكة- من خلال المقارنة بينه وبينهم- أنّ هذا الكائن الحرّ الذي اجتباه للخلافة قابل للتعليم والتنمية الربّانية، وأنّ اللَّه تعالى قد وضع له قانون تكامله من خلال خطٍّ آخر يجب أن يسير الى جانب خطّ الخلافة، وهو خط الشهادة الذي يمثِّل القيادة الربّانية والتوجيه الربّاني على الأرض.
إنّ الملائكة لاحظوا خطّ الخلافة بصورةٍ منفصلةٍ عن الخطّ المكمِّل له بالضرورة، فثارت مخاوفهم. وأمّا الخطّة الربّانية فكانت قد وضعت خطّين جنباً الى جنب: أحدهما خطّ الخلافة، والآخر خطّ الشهادة الذي يجسّده شهيد ربّاني يحمل الى الناس هدى اللَّه ويعمل من أجل تحصينهم من الانحراف، وهو الخطّ الذي أشار إليه القرآن الكريم في قوله: «قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ»[1].
مسار الخلافة على الأرض:
ما هو الهدف المرسوم لخلافة الإنسان على الأرض؟ وفي أيِّ اتّجاهٍ يجب أن تسير هذه الخلافة في ممارستها الدائبة؟ ومتى تحقّق هدفها وتستنفد غرضها؟
إنّ الخلافة الربّانية للجماعة البشرية وفقاً لركائزها المتقدّمة تقضي بطبيعتها
[1] البقرة: 38