ج- المدلولات السياسية في التركيب العقائدي للدولة الإسلامية:
وتقوم المدلولات السياسية في التركيب العقائدي للدولة الإسلامية بأدوارٍ عظيمةٍ في تنمية كلّ الطاقات الخيِّرة لدى الإنسان وتوظيفها لخدمة الإنسان.
فمن تلك المدلولات استئصال الدولة الإسلامية لكلّ علاقات الاستغلال التي تسود مجتمعات الجاهلية، وبتحرير الإنسان من استغلال أخيه الإنسان في كلّ مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية تُوفَّر للمجتمع طاقتان للبناء:
إحداهما: طاقة الإنسان المستغَلّ الذي تمّ تحريره؛ لأنّ طاقته كانت تهدر لحساب المصالح الشخصية للآخرين ووقوداً لعملية التكاثر في الأموال وزينة الحياة الدنيا، بينما هي بعد التحرير طاقة بنّاءة لخير الجماعة البشرية.
والاخرى: طاقة الإنسان المستغِلّ الذي كان يبدّد إمكاناته في تشديد قبضته على مستغِلّيه، بينما تعود هذه الإمكانات بعد التحرير إلى وضعها الطبيعي وتتحوّل إلى إمكانات بناءٍ وعمل.
وكم من قابلياتٍ وإمكاناتٍ تذوب في ظلّ حكم الطاغوت وفي إطار علاقات الاستغلال، أو يمارس الظالمون تذويبها أو محاصرتها، بينما تجد لها في المناخ الحرّ الرشيد الذي تخلقه الدولة الإسلامية القدرة على النموّ والامتداد.
وتأريخ الإسلام في تجربته الفريدة أكبر شاهدٍ على ذلك، فقد استطاع الإسلام بما أعاده للإنسان من حريةٍ وكرامةٍ أن يهيّئ المناخ المناسب للنموّ والإبداع لكلّ إنسانٍ بقطع النظر عن عرقه ونسبه ومركزه وماله، واستطاع عدد كبير ممّن كانوا عبيداً أو أشباه العبيد في مجتمعات الجاهلية أن يكونوا من قادة البشرية الأكفاء ونوابغها المبدعين في مختلف مجالات الحياة الفكرية والسياسية والعسكرية؛ وذلك لأنّ النموّ الصالح للفرد في الدولة الإسلامية لا يحدّده أي