اعتبارٍ سوى قدرات الفرد وقابلياته الخاصّة.
قال الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه الصلاة والسلام لواليه على مصر: «ثمّ اعرف لكلّ امرى منهم ما أبلى ولا تضمَّنَّ بلاء امرى إلى غيره ولا تقصّرنَّ به دون غاية بلائه، ولا يدعونّك شرف امرى إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيراً ولا ضعة امرى إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيماً»[1].
ومن المدلولات السياسية للدولة الإسلامية الوضع الواقعي الذي يعيشه الحاكم والحاكمون في الدولة الإسلامية، فإنّهم يعيشون مواطنين اعتياديّين في حياتهم الخاصّة وسلوكهم مع الناس ومساكنهم التي يسكنونها وعلاقاتهم مع الآخرين.
وإنما أتحدّث هنا عن الوضع الواقعي للحاكم والحاكمين لأنّي أعلم أنّ الوضع القانوني الذي لا يتجسّد في واقع الحياة لا يهزّ إنساناً ولا يحقّق القدوة الصالحة في واقع الحياة، فما أسهلها من لعبةٍ تشريعيةٍ على الطغاة والجبّارين أن يصوغوا للشعوب التي يحكمونها دساتيرها ويملأون هذه الدساتير بمفاهيم المساواة بين الحاكم والمحكومين، ولكنّها تظلّ في واقع الحياة مجرّد ألفاظٍ لا عطاء فيها ولا بناء، وليس لها من دور إلّاالتستّر على واقع التناقض بين حياة الحاكم وحياة المحكومين وامتيازات الحاكم وهَوَان المحكومين.
بينما هذه المفاهيم لا تطرح في الدولة الإسلامية على مستوى نقوشٍ جميلةٍ في لوحة الدستور، بل على مستوى تطبيقٍ عمليّ وممارسةٍ فعليةٍ في واقع الحياة.
وتأريخ التجربة الإسلامية وواقعها المعاصر شاهدان حيّان على ذلك، ففي تأريخ التجربة وقف رئيس الدولة الإسلامية الإمام عليّ عليه السلام بين يدي القاضي مع
[1] نهج البلاغة، الكتاب 53