خطّ الخلافة وركائزه العامّة
إنَّ اللَّه سبحانه وتعالى شرّف الإنسان بالخلافة على الأرض، فكان الإنسان متميِّزاً عن كلِّ عناصر الكون بأ نّه خليفة اللَّه على الأرض، وبهذه الخلافة استحقّ أن تسجد له الملائكة، وتدين له بالطاعة كلّ قُوى الكون المنظور وغير المنظور.
والخلافة التي تتحدّث عنها الآيات الشريفة المذكورة ليست استخلافاً لشخص آدم عليه السلام، بل للجنس البشري كلِّه؛ لأنّ من يفسد في الأرض ويسفك الدماء- وفقاً لمخاوف الملائكة- ليس آدم بالذات، بل الآدمية والإنسانية على امتدادها التأريخي. فالخلافة إذن قد اعطيت للإنسانية على الأرض؛ ولهذا خاطب القرآن الكريم في المقطع الثاني والمقطع الثالث المجتمع البشري في مراحل متعدّدة وذكّرهم بأنّ اللَّه قد جعلهم خلائف في الأرض، وكان آدم هو الممثِّل الأول لها بوصفه الإنسان الأول الذي تسلّم هذه الخلافة وحظي بهذا الشرف الربّاني، فسجدت له الملائكة ودانت له قُوى الأرض.
وكما تحدّث القرآن الكريم عن عملية الاستخلاف من جانب اللَّه تعالى، كذلك تحدّث عن تحمّل الإنسان لأعباء هذه الخلافة بوصفها أمانةً عظيمةً ينوء الكون كلّه بحملها. قال اللَّه سبحانه وتعالى:
«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها