إنّ الثائر على أساسٍ نبويّ ليس ذلك المستغَلّ الذي يؤمن بأنّ الإنسان يستمدّ قيمته من ملكية وسائل الإنتاج وتمكّنه في الأرض، ويسعى من أجل ذلك في سبيل انتزاع هذه القيمة من يد مستغِلِّيه والاستئثار بها لنفسه؛ لكي تفرض طبيعة هذا الصراع أن يكون الانتماء إلى طبقة المستغِلّين أو المستغَلّين هو الذي يحدّد موقع الإنسان في الصراع، بل الثائر النبويّ هو ذلك الإنسان الذي يؤمن بأنّ الإنسان يستمدّ قيمته من سعيه الحثيث نحو اللَّه، واستيعابه لكلّ ما يعنيه هذا السعي من قيمٍ إنسانية، ويشنّ حرباً لا هوادةَ فيها على الاستغلال باعتباره هدراً لتلك القيم وتحويلًا للإنسانية من مسيرتها نحو اللَّه وتحقيق أهدافها الكبرى وإلهائها بالتكاثر وتجميع المال. والذي يحدّد هذا الموقع للثائر النبويّ مدى نجاحه في الجهاد الأكبر لا موقعه الاجتماعي والانتماء الطبقي.
خلافة الإنسان
وبعد أن قرّر الإسلام مبدأ ملكية اللَّه تعالى رتّب عليه أنّ دور الإنسان في الثروة هو دور الخليفة المستأمَن من قبل اللَّه تعالى على مصادر الثروة في الكون؛ ليدبّر أمرها ويدير شأنها وفقاً للروح العامة لملكية اللَّه تعالى، قال اللَّه تعالى:
«وَ أَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ»[1]. «وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ»[2].
والاستخلاف يتمّ على مرحلتين:
المرحلة الاولى: استخلاف للجماعة البشرية الصالحة ككلٍّ، قال اللَّه
[1] الحديد: 7
[2] النور: 33