سبحانه: «وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً»[1].
وهذا النصّ الشريف يتحدّث عن أموال السفهاء، وينهى الجماعة أن يسلِّموها إلى السفهاء، ويضيف الأموال إلى الجماعة نفسِها على الرغم من أ نّها أموال أفرادٍ منهم؛ وذلك إشعاراً بأنّ الأموال في هذا الكون قد جعلت لإقامة حياة الجماعة، وتمكينها من مواصلة حياتها الكريمة، وتحقيق الأهداف الإلهية من خلافة الإنسان على الأرض. ولمّا كان السفيه لا يصلح لتحقيق هذه الأهداف فقد منع اللَّه الجماعة من إطلاق يده في أمواله.
ومن ناحيةٍ اخرى نلاحظ أنّ القرآن الكريم والفقه الإسلامي يُطلق على كلّ الثروات الطبيعية التي تحصل عليها الجماعة المسلمة من الكفّار اسم الفيء ويعتبرها ملكيةً عامة. والفيء: كلمة تدلّ على عود الشيء الى أصله، وهذا يعني أنّ هذه الثروات كلّها في الأصل للجماعة، وأنّ الاستخلاف من اللَّه تعالى استخلاف للجماعة.
ولهذا فإنّ الجماعة- ككلٍّ- بحكم هذا الاستخلاف مسؤولة أمام اللَّه تعالى، وهذه المسؤولية تحدّدها الآية الكريمة في قوله تعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ* وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ* وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ»[2].
فإنّ هذا النصّ القرآني الشريف بعد أن يستعرض ما استخلف اللَّه عليه
[1] النساء: 5
[2] إبراهيم: 32- 34