ج- الإنتاج الثانوي وكيف يتمّ توزيعه؟
ندرس الإنتاج الثانوي وكيف يتمّ توزيعه في حالتين اجتماعيّتين متغايرتين:
الحالة الاولى: حالة مجتمع سارت فيه عملية التوزيع الأوّلي لمصادر الثروة الطبيعية، وعمليات الإنتاج الأولي، وتوزيع الثروة المنتجة فيه المسبقة وفقاً لقواعد الاقتصاد الإسلامي المتقدمة.
الحالة الثانية: حالة مجتمعٍ لم تجرِ فيه عمليات التوزيع المسبقة وفقاً لمتطلبات الاقتصاد الإسلامي وتخطيطه العام، وأدَّى ذلك في النهاية إلى ظهور التفاوت الكبير بين أفراد المجتمع في الملكية واختلال التوازن الاجتماعي.
أمّا الحالة الاولى فكلّ عملية إنتاجٍ ثانويّ في هذه الحالة تعني- وفقاً للتعريف المتقدِّم للإنتاج الثانوي- أنّ هناك مادةً قد تمّ إنجازها في عملية إنتاجٍ أوَّليّ وأصبحت ملكاً للعامل الذي أنتجها- وفقاً لقاعدة أنّ العمل أساس الملكية- ويراد الآن تطويرها، كالقطن يصنع ورقاً، والخشب يصنع سريراً، والحديد يصنع آلةً وهكذا. وهذا التطوير هو الإنتاج الثانوي.
وفي هذا المجال لا يعطي الإسلام لأيّ فرد حرّية التصرّف في المادة المذكورة وتطويرها بصورةٍ منفصلةٍ عن إرادة الفرد الأول الذي ملكها بعمله وعن التعاقد معه؛ لأنّ الإسلام ما دام قد أقرّ ملكية هذا العامل للثروة التي أنجزها في الإنتاج الأوّلي، فمن الطبيعي أن يعطي له الحقَّ في التصرّف بها.
وبذلك يختلف الإسلام عن الماركسيّة، فإنّ الماركسية لا تقرّ ملكية العامل الأول للثروة التي أنتجها، وإنّما تقرّ ملكيته للقيمة التبادليّة التي أنتجها، أي ذلك