القدر من القيمة الذي أسبغه العامل الأول على البذر بتحويله إلى قطن. فإذا جاء عامل آخر وحوّل القطن إلى ورقٍ فازدادت قيمته التبادلية كانت القيمة الجديدة ملكاً للعامل الثاني.
وهذا التصوّر الماركسي يقوم على أساسٍ خاطئ، وهو ربط ملكية العامل بمقدار القيمة التبادلية التي يخلقها فقط لا بالثروة ذاتها، وهو يفترض أنّ القيمة التبادلية للسلعة كلّها مستمدَّة من العمل، فالعامل في الإنتاج الأوّلي يملك كلّ القيمة التبادلية الثابتة فعلًا للسلعة، والعامل في الإنتاج الثانوي يملك ما استجدّ من قيمةٍ بسبب هذا الإنتاج.
ولكنّ الصحيح أنّ القيمة التبادلية للسلعة مستمدّة من منفعتها وندرتها الطبيعية، وكلّما احتاج إنتاجها إلى كمّيةٍ أكبر من العمل ازدادت قيمةً؛ لأنّ ذلك عامل يؤثّر في ندرتها الطبيعيّة. ومن أجل ذلك نلاحظ أنّ الندرة الطبيعية لكمّية الذهب في الكون بالنسبة إلى الفضّة يجعله أكبر قيمةً منها، حتّى لو لم يحتج إنتاجه إلى كمّيةٍ أكبر من العمل. فهناك إذن ندرة تنشأ من طبيعة العمل الذي يحتاجه الإنتاج وكمّيته، وندرة اخرى تنشأ من ظروف الطبيعة نفسها، وكلتا الندرتين تساهمان في تحديد القيمة التبادلية، فلو قصرنا ملكية العامل على مقدار القيمة التي يخلقها لما برَّر ذلك تملّكه لكامل القيمة التبادلية التي أنتجها.
وهكذا يرى الإسلام أنّ ربط القيمة التبادلية بالعمل خطأ، وأنّ ربط ملكية الثروة بالعمل هو المبدأ الصحيح. وهذا يعني أنّ منتِج القطن يكون مالكاً للقطن نفسه على أساس عمله في إنتاجه، لا للقيمة السوقية التي منحها للمادة فحسب.
وفي هذه الحالة يكون زمام المبادرة في عملية الإنتاج الثانوي بيد العامل الذي أنتج القطن، ومن الناحية النظرية يمكن أن يقوم بنفسه بعملية الإنتاج