يهدِّده، وبالتالي يهدِّد المجتمع بالانهيار أو بالتنازل عن دوره في الحياة العامّة، وبهذا يتحوّل إلى طاقةٍ سلبية ويفقد المجتمع بالتدريج قدرات أطهر أبنائه وأنظف أفراده.
ولكن إذا قامت الدولة الإسلامية واتّحدت الأرض مع السماء، والمسجد مع المكتب، ولم يكن الدعاء في المسجد تهرّباً من الواقع، بل تطلّعاً إلى المستقبل، ولم تكن ممارسة الواقع منفصلةً عن المسجد، بل مستمدّةً من روحه العامّة، فسوف تعود إلى الإنسان وحدته الحقيقية وانسجامه الكامل، ويؤدّي به ذلك إلى الإخلاص في دوره والصبر على متاعب الطريق.
ب- وضوح التجربة والارتباط العاطفي بتأريخها:
إنّ أهمّ عاملٍ يدفع الإنسان إلى البذل والعطاء للدعوة إلى بناءٍ جديدٍ هو أن تقدِّم له هذه الدعوة مثالًا واقعياً واضحاً للبناء الذي تدعوه إلى المساهمة في تشييده.
ومن هنا كانت الدعوات التي تَستورد أمثلَتها ومُثُلَها العليا من تجارب عاشت أو تعيش خارج نطاق العالم الإسلامي وتأريخ المسلمين تواجه صعوبةً كبيرةً في إعطاء رؤيةٍ واضحةٍ للفرد المسلم عن مثلها الأعلى ومثالها الذي تحتذيه وتدعو إلى تجسيده بين المسلمين؛ لأنّه غريب عنهم لا يملكون عنه إلّارؤىً باهتةً ومتهافتة.
فالديمقراطية والاشتراكية والمادّية والشيوعية وما إلى ذلك من المذاهب والاتّجاهات الاجتماعية مارسها الإنسان خارج العالم الإسلامي وتجسّدت في أشكالٍ مختلفةٍ واتّخذت صيغاً متفاوتة؛ ولهذا فهي لا توحي إلى الفرد المسلم بصورةٍ محدّدةٍ واضحة المعالم، بل إنّه يجد أشدّ الحكومات تعسّفاً ودكتاتوريةً تحمل كلمة الديمقراطية كجزءٍ من اسم الدولة، ويجد أشدّ الحكومات دوراناً في