التحاماً روحياً كاملًا، وسرعان ما تتحوّل تلك العقيدة الباهتة الى عقيدةٍ مشعّةٍ ممتلئةٍ حيويةً وحركةً ونشاطاً، وهكذا تُجنَّد طاقات الامّة في عملية البناء الكبير بدون إكراه، بل بروح الإيمان والإخلاص.
وتكفي بعض الأمثلة الصغيرة لتوضيح أبعاد هذا التحوّل المرتقَب، فالإسلام في ظلّ العقيدة الباهتة كان قادراً باستمرارٍ أن يقنع الملايين من المسلمين بدفع الفرائض المالية المترتّبة عليهم طواعيةً، مع أنّ هؤلاء أنفسهم يتهرّبون بمختلف الوسائل عن دفع الضرائب الرسميّة مع ما تتمتّع به من إلزامٍ قانونيّ وعقوباتٍ صارمةٍ للمتخلّفين عن دفعها، فما ظنّكم بمدى قدرة الإسلام على تأمين دفع ضرائب الدولة الإسلامية ومتطلّبات عمليات التنمية حينما يتمّ أخذ هذه الضرائب والمتطلّبات باسم الإسلام؟
والإسلام في ظلّ العقيدة الباهتة أثبت قدرته مرّاتٍ عديدةً على أن يجمع بطريقةٍ عفويةٍ وباسم الجهاد وتحت راية الإسلام أعداداً هائلةً من المقاتلين الذين يلبّون الدعوة استجابةً لعقيدتهم الدينية، بينما نرى أنّ الدولة الاعتيادية لا تستطيع أن تجمع هذه الأعداد لأيّ معركةٍ إلّاباستعمال أقسى أساليب الضبط والسيطرة، فما ظنّكم بهذا الإسلام إذا امتلك القيادة الاجتماعية في الامّة؟ وما هو التحوّل العظيم الذي سوف ينجزه في مجال تعبئة الطاقات القتالية للُامّة؟
وبقيام الدولة الإسلامية يوضع حدّ لمأساة الانشطار والتجزئة في كيان الفرد المسلم التي تفرض عليه ولاءات متعارضة في حياته، فإنّ المسلم الذي يعيش في ظلّ أنظمةٍ تتعارض مع القرآن والإسلام يجد نفسه في كثيرٍ من الأحيان مضطرّاً إلى ممارسة التناقض في حياته باستمرار؛ إذ يرفض في المسجد وبين يدي اللَّه ما يمارسه في المتجر أو المعهد أو المكتب، ويرفض في حياته العملية ما يقدّسه في المسجد ويعاهد اللَّه على الوفاء به، ويظلّ في دوّامة هذه الولاءات المتعارضة لا يجد حلًاّ للتناقض إلّابالتنازل عن المسجد، فيقاسي فراغاً روحيا