الفلك الاشتراكي تعاني من تمييزاتٍ لا حدَّ لها، ويجد المثل الأعلى لُامّةٍ من الناس يتهاوى بعد ذلك ويكفر به اولئك الناس أنفسهم. وإذا بستالين الذي أ لّهه شعبه يُطرد من الجنّة بعد موته وتُنتزع منه أوسمة المجد، وإذا بماو يتحوّل في أقلّ من ربع قرنٍ من مطلقٍ في مقاييس الثوريّين إلى رجلٍ تجب مراجعته من جديد.
إنّ كلّ هذا التنوّع في مجال الممارسة لتلك المفاهيم والشعارات، وكلّ هذا القلق في تقويم الممارسات والممارسين لا يساعد الفرد المسلم على أن يحدِّد في نفسه مثالًا واضحاً وصورةً دقيقةً لما يراد منه أن يساهم في بنائه بعرقه ودمه وحياته.
وعلى العكس من ذلك الدولة الإسلامية، فإنّها تقدِّم للفرد المسلم مثالًا واضحاً لديه وضوح الشمس قريباً من نفسه مندمجاً مع أعمق مشاعره وعواطفه، مستمدّاً من أشرف مراحل تأريخه وأنقاها وأعظمها تأ لّقاً وإشعاعاً.
وأيّ مسلمٍ لا يملك صورةً واضحةً عن الحكم الإسلامي في عصر الرسول صلى الله عليه و آله وفي خلافة الإمام عليّ عليه السلام وفي معظم الفترة الممتدة بينهما؟ وأيّ مسلمٍ لا تهزّه أمجاد تلك الصورة وروعتها؟ وأيّ مسلمٍ لا يشعر بالزهو والاعتزاز إذا أحسّ بعمقٍ أ نّه يُعيد إلى الدنيا من جديدٍ أيام محمدٍ وعليّ وأيام أصحاب محمدٍ الميامين الذين ملأوا الدنيا عدلًا ونوراً؟
إنّ الدولة الإسلامية لا تسير بالناس في ظلام، ولا تلوِّح بيدها إلى نقاطٍ بعيدةٍ يعجز الفرد المسلم عن إبصارها بوضوح، ولا تزجّ به في مجموعةٍ من المتناقضات التي تحمل شعاراً واحداً ولا تتّفق على محتواه.
إنّ الدولة الإسلامية تسير بالناس في النور وتلوِّح بيدها إلى القمّة التي لا يوجد مسلم لا يراها أو لا يملك صورةً محدّدةً عنها، وهذا يجعل الفرد المسلم في إطار التعبئة الحضارية الإسلامية مطمئنّاً إلى طريقه، واثقاً بهدفه، وقادراً في نفس الوقت على تمييز سلامة المسيرة أو الإحساس بانحرافها؛ لأنّ المثال والمَثل