للمعركة ضدّ التخلّف، فلا بدّ لهذا البناء عند اختيار الإطار السليم أن يُدخِل في الحساب مشاعر الامّة ونفسيّتها وتركيبها العقائدي والتأريخي؛ ذلك لأنّ حاجة التنمية الحضارية إلى منهجٍ اجتماعيّ وإطارٍ سياسيّ ليست مجرّد حاجةٍ إلى إطارٍ من اطر التنظيم الاجتماعي، ولا يكفي لسلامة البناء أن يدرس الإطار ويختار بصورةٍ تجريديةٍ ومنفصلةٍ عن الواقع، بل لا يمكن لعملية البناء أن تحقّق هدفها في تطوير الامّة واستنفار كلِّ قُواها ضدّ التخلّف إلّاإذا اكتسبت إطاراً يستطيع أن يدمج الامّة ضمنه حقّاً وقامت على أساسٍ يتفاعل معها، فحركة الامّة كلّها شرط أساسي لإنجاح أيِّ عملية بناءٍ حضاريّ جديدٍ وأيّ معركةٍ شاملةٍ ضدّ التخلّف؛ لأنّ حركتها تعبير عن نموّها ونموّ إرادتها وانطلاق مواهبها الداخلية، وحيث لا تنمو الامّة لا يمكن لأيِّ منهجٍ أو صيغٍ محنّطةٍ أن تغيِّر من الواقع شيئاً: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ»[1].
فنحن حين نريد أن نختار منهجاً أو إطاراً عامّاً لبناء الامّة واستئصال جذور التخلّف منها، يجب أن نأخذ هذه الحقيقة أساساً ونفتّش في ضوئها عن مركَّبٍ حضاريّ قادرٍ على تحريك الامّة وتعبئة كلّ قُواها وطاقاتها للمعركة ضدّ التخلّف.
ولن تستطيع أيّ دولةٍ أن تقدِّم هذا المركّب الحضاري لإنسان العالَم الإسلامي سوى الدولة الإسلامية التي تتّخذ من الإسلام أساساً لعملية البناء وإطاراً لنظامها الاجتماعي.
ونستعرض في ما يلي عدداً من النقاط التي تؤكّد ذلك وتبرهن على قدرات التحريك والبناء الهائلة التي بالإمكان توفيرها عن طريق الدولة الإسلامية:
[1] الرعد: 11