كان يتجسّد في الثروة المنتَجَة، أي كانت الثروة تفنيه وتمتصّه، وليس هذا العمل الذي يُفنى ويُمتصّ كذلك سوى ما أنفقه العامل المنتِج على عملية الإنتاج أو على إعداد نفسه للقيام بالعملية.
وهكذا نلاحظ أنّ إنسانية الاقتصاد الإسلامي وارتكازه على الإيمان بملكية اللَّه العامة للكون وخلافة الإنسان عنه، هو وحده الذي يبرّر تقاسم الثروة المنتَجَة بين الفرد والجماعة بالمنطق القرآني القائل: «آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ»[1].
وعلى ضوء ما تقدّم نعرف أنّ الإسلام يشجب الإنتاج الأوّلي بالطريقة الرأسمالية، ويرفض اكتساب حقّ في قيمة السلعة المنتَجَة على أساسها.
ومثال ذلك: أن يدفع شخص الاجور إلى العمّال ويزوّدهم بالأدوات فيباشرون عملية الإنتاج، وفي حالةٍ من هذا القبيل يستحوذ الرأسمالي- دافع الاجور والأدوات- على قيمة السلعة المنتَجَة بعد خصم الاجور، بينما لا يحصل على شيءٍ من ذلك في المجتمع الإسلامي؛ لأنّ الإسلام لا يقرّ الطريقة الرأسمالية في الإنتاج الأوّلي.
وهناك حالة وحيدة لم تُلغَ فيها عملية الإنتاج الرأسمالي إلغاءً تامّاً في الشريعة على مذهب عددٍ من الفقهاء[2]، وهي حالة عقد المزارعة التي يتّفق فيها صاحب الأرض مع المزارع الذي له البذر على أن يقدِّم له أرضه ويشاركه في المحصول.
[1] الحديد: 7
[2] انظر السرائر 2: 441، والحدائق الناضرة 21: 278، وجواهر الكلام 27: 2، ومفتاح الكرامة 15: 409