العمل والحاجة مبدأً ثابتاً في علاقات التوزيع لا يختلف فيه عصر الإنتاج اليدوي عن عصر الإنتاج الآلي، ومجتمع الطاحونة الهوائية عن مجتمع الطاحونة البخارية.
والأداة التي يحملها الإنسان المنتج سواء كانت حجراً أو محراثاً أو آلةً معقدةً ليست هي التي تعلّمه معنى العدل، وإنّما هي التي قد تمكّنه من الانحراف عن مسيرة العدل الاجتماعي والتلاعب بسنن الخلافة العامة للإنسان على الأرض.
وهذا هو المنفذ الذي يتأثّر بسببه التشريع في ميدان علاقات التوزيع بما يستجدّ من ظروفٍ متطوّرةٍ في عمليات الإنتاج وعلاقات الإنسان بالطبيعة؛ لأنّ نموّ الأداة المنتجة في يد بعض أفراد المجتمع يفتح أبواباً للاستغلال ولا بدّ من مواجهته وصيانة المجتمع منه بتشريعاتٍ إضافية؛ لكي لا يؤثّر تطوّر القُوى المنتِجة على سلامة التوزيع وعدالته.
وعلى هذا الأساس تقسَّم عناصر اقتصاد المجتمع في ضوء الإسلام الى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عناصر ثابتة، وهي العناصر التي تنظّم علاقات التوزيع وفقاً لمبادئ العدالة الاجتماعية والخلافة العامة للإنسان على الأرض. وهذه العناصر قد وضعت في الإسلام على شكل أحكامٍ منصوصةٍ في الكتاب الكريم والسنّة، أو مستخلصة من الأحكام المنصوصة.
ومثال ذلك: ما تقدم من ربط الملكية بأساسين فقط هما: العمل والحاجة.
القسم الثاني: عناصر متحرّكة في مجال التوزيع وتنظيم علاقاته، تدعو الضرورة اليها بسبب المستجدّات والمتغيّرات في عملية الإنتاج وملابساتها، ومدى ما يمكن لهذه المتغيّرات من إيجاد فرصٍ جديدةٍ للاستغلال. ويدخل في