مصلحة الإنتاج، وحتّى نظام الاسترقاق اعتبرته المادية التأريخية نظاماً تقدّمياً في التوزيع في المرحلة التي كان يخدم فيها عملية الإنتاج.
وعلى العكس من ذلك الإسلام؛ فإنّه لا يجد مصلحة الإنتاج هي المبرّر لعلاقات التوزيع، وإنّما يقيم هذه العلاقات على أساس قيمٍ ثابتة، وهي القيم الإنسانية والربّانية التي تعبّر عنها خلافة الإنسان في الأرض، وتؤكّد الحقّ والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية؛ ولهذا يشجب الإسلام علاقات التوزيع القائمة على أساس الاستغلال والظلم مهما كان مستوى الإنتاج وشكله، بل إنّ الإسلام لم يشجب هذه العلاقات نظرياً فقط، بل ألغاها عملياً في ظرفٍ كانت علاقات الإنتاج فيه بمنطق الماركسية أبعد ما تكون عن شجب تلك الألوان من الاستغلال واستئصالها، وبهذا كان الإسلام نفسه وتطبيقه التأريخي تحدِّياً صارخاً لمفاهيم المادية التأريخية وقيم الماركسية عن التأريخ والاقتصاد.
وفي تصور الإسلام أنّ علاقات الإنتاج يجب أن تتأثّر باستمرارٍ بتطوّر خبرة الإنسان بالطبيعة وتقدّمه العلمي. ولمّا كانت هذه الخبرة العلمية متناميةً باستمرارٍ، فمن الطبيعي أن تتطوّر علاقة الإنسان مع الطبيعة باطّرادٍ ويزداد سيطرةً عليها وتحسيناً لأدواته ووسائله التي يمارس بها الإنتاج.
وأمّا علاقات التوزيع فهي تقوم في التصوّر الإسلامي على الحقوق الإنسانية الثابتة ومنطق خلافة اللَّه في الأرض، كما أشرنا سابقاً.
ومن هنا لم يكن شكل التوزيع يتجدّد ويختلف بالضرورة تبعاً لاختلاف علاقات الإنسان مع الطبيعة، فربطُ الإسلام بين العمل والملكية وجعلُه العمل والحاجة أساسَين للملكية في الاقتصاد الإسلامي، ليس قراراً نسبياً أو إجراءً يراد به إزاحة العوائق عن نموّ القُوى المنتِجة، كما تؤمن الماركسية بضرورة التأميم كضرورةٍ من ضرورات قوى الإنتاج، بل الإسلام يرى إقامة الملكيّة على أساس